الأحد، 21 أغسطس 2011

من هم منفذو عملية ايلات؟




ولماذا تخفي اسرائيل هويتهم؟
بعد ساعتين من بدء عملية ايلات طُلب مني، في احدى محطات الراديو الفلسطينية، التعليق عليها، وسُئِلت: ما هي دافع هذه العملية وما هي أهدافها؟ فأجبت، انه من المبكر مناقشة هذين السؤالين طالما لم نعرف هوية المجموعة المسلحة ومن يقف وراءها خاصة وان سيناء تشكل اليوم مزرعة لعدد كبير من اجهزة المخابرات بما في ذلك الموساد، وأضفت، في كل الحالات فإسرائيل ستتهم حماس وتحملها المسؤولية، وبالغت بالقول: ان اسرائيل سوف تحمل المسؤولية لحماس لو أمطرت السماء في آب او تأخر موسم الشتاء في اكتوبر. وانها ستنتهز الفرصة لتنفيذ اغتيالات من قائمة الأهداف الجاهزة لديها مسبقا، كما ستنتهز الفرصة لتفكيك خيام حركة الإحتجاج الإسرائيلية كما توقع الكثيرون مسبقا، وسوف تنتهزها لخرق السيادة المصرية في سيناء وبذلك تختبر توجهات ونوايا القيادة المصرية الجديدة بعد الثورة، ولو كانت قيادة مؤقتة. وعبرت عن رأيي في ان التحليل الآن يجب ان يتمحور في من المستفيد او المستفيدون من هذه العملية، وما هي التداعيات التي يمكن ان تترتب عليها، وعلى عمليات التصعيد اللاحقة ونتائجها، وعلى موقع سيناء الجيو سياسي في المنظور الإستراتيجي. لم تمض ساعات قليلة حتى كانت قوات الإحتلال الإسرائيلي قد نفذت عمليات اغتيال في قطاع غزة طالت قيادات المقاومة من الصف الأول محملة حماس مسؤولية التخطيط والتوجيه لعملية ايلات، ووووو الخ
منذ تلك الساعة وانا انتظر معرفة اسماء وهوية منفذي عملية إيلات ولم اسمع او أقرأ جوابا بعد. ومع ذلك، فاتهام حماس حصل وسفك الدم الفلسطيني، ومنهم طفل أخذه عمه الطبيب ووالده الى المستشفى لمعالجته، فقصفت طائرة اسرائيلية سيارتهم واستشهدوا جميعا، كل ذلك استجابة لروح الإنتقام، التي لا تشفي غليل الإسرائيليين مهما بلغت، وسفك دماء الجنود المصريين على ارضهم المصرية، لا لسبب الا لأنهم لم يقوموا "بواجب" الحفاظ على الأمن الإسرائيلي، قد حصل، ونداء أمريكي للحكومة المصرية بضرورة القيام "بواجباتها" في سيناء، حفاظا على امن اسرائيل طبعا، قد حصل. فوق هذا وذاك قام الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال مبعوث خاص لتهدئة الخواطر بين المصريين والإسرائيليين خوفا من تصاعد رد الفعل المصري الشعبي الذي قد يؤدي الى إجراء حكومي بطرد السفير الإسرائيلي من مصر، ولكن الإمين العام نفسه لم يكلف نفسه بارسال اي مندوب لمنع اسرائيل من قتل الأبرياء في قطاع غزة من رجال وأطفال على حد سواء. ولم يطلب من اسرائيل الالتزام بالقانون الدولي في حالات الحرب والقاضي بإسعاف الجرحى من الطرف الآخر وعدم تركهم ينزفون حتى الموت، حتى انه لم يطلب من اسرائيل ان تعلن عن اسمائهم وعن هويتهم المدنية او السياسية بدل تصديق الفرية الإسرائيلية والعمل وفقا لها، وكأن كل ما قامت به اسرائيل من جرائم هو اجراءات دفاعية وطبيعية جدا.
ليس جديدا ما يقوم به الأمين العام للأمم المتحدة ، ولكنه لا يجوز لنا التسليم بذلك، بل يتوجب على كل منا كاتبا او سياسيا او صحفيا او محتجا في الميادين، ان يوجه النقد للامين العام ولمندوبيه، لا نقدا خجولا على ندرته، بل حازما وعلنيا ومدويا حتى لو استخدمت فيه حبات البندورة او البيض النيئ.
والأهم من ذلك، يتوجب على اسرائيل ان تعلن عن هويات الجثث المحتجزة لديها لكي نعرف هوية المجموعة المسلحة التي قامت بعملية ايلات، وما هي اهدافها ومن يقف وراءها؟ فهل إخفاء هوية منفذي العملية تهدف الى تغطية الجرائم التي ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلي في غزة منذ ثلاثة ايام؟
اليف صباغ 21.8.2001
مدونة حيفا برس


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

حول الحراك الشعبي في اسرائيل وموقف فلسطينيي ال 48



حول الحراك الشعبي الإسرائيلي وموقف فلسطينيي ال 48
جدلية المدني والقومي أم عبثيته العلاقة

بقلم: اليف صباغ
منذ اليوم الأول لانطلاق الحراك الشعبي الإسرائيلي تساءل النشطاء العرب ومنتخبو الجمهور من فلسطينيي ال 48 عن دورهم او موقفهم من هذا الحراك، وما اذا كانت المشاركة الفعلية فيه مجدية ام لا. وهل يشكل هذا الحراك اطارا مناسبا لتحقيق مطالب وحقوق المواطنين العرب في اسرائيل او فرصة، على الأقل، لاستخدام هذا الزخم الإعلامي لطرح قضاياهم على الرأي العام الاسرائيلي، لعل أجواء التأييد الشعبي الإسرائيلي لمطلب العدالة الإجتماعية يشكل فرصة لتفهم مواقف هذه الاقلية ومطالبها، وربما لدعم هذه المطالب في السياق المدني العام. في الحقيقة، لا يوجد جواب واحد لدى فلسطينيي ال 48 ولهذا وقفوا في الأيام الأولى من هذا الحراك موقف المتفرج وربما المصدوم من المفاجئة التي لم يتوقعها الكثيرون. لكن عندما أخذت حركة المحتجين تنسج قوتها الشعبية وتقيم الخيام في مدن أخرى غير تل ابيب، بدأت المواقف تتضح وعبرت القوى السياسية العربية بتصريحاتها وممارساتها عن مواقفها من هذا الحراك وضرورة المشاركة فيه على قدم وساق مع القوى اليهودية الفاعلة، ام لا ، ولماذا؟
في الأسبوع الأول من هذا الحراك قامت جرافات وزارة الداخلية بهدم بيت مواطن في مجد الكروم ( في الجليل) بني بدون ترخيص فقامت اللجنة الشعبية للدفاع عن المسكن ببناء خيمة احتجاج في المكان، وفي مدينة باقة الغربية (في مركز البلاد) أقامت اللجنة الشعبية خيمة اعتصام أخرى ودعت الجمهور العربي للمشاركة في الحراك الشعبي العام، كذلك اقيمت خيمة احتجاج في حيفا وسخنين ومدن عربية أخرى، ولوحظ هنا ان حركة الإحتجاج العربية لم تنضم الى معسكر الخيام في تل ابيب او أي مدينة يهودية وانما أخذت طابعا محليا، في الوقت ذاته لوحظ ان وسائل الإعلام العبرية، بما في ذلك وسائل الاعلام العربية الحكومية، التي ساندت وما تزال تساند الحراك الشعبي الإسرائيلي، لم تلتفت لخيام الإحتجاج في المدن والقرى العربية.
في هذه الأجواء قامت القوى السياسية الداعية الى العمل العربي اليهودي المشترك، مثل الحزب الشيوعي، بدعوة المواطنين العرب للمشاركة في المظاهرة الأولى لحركة الإحتجاج في تل ابيب، الى جانب نشاطات اللجان الشعبية في الأطر المحلية، احتجاجا على الضائقة السكنية التي يعاني منها المواطنون العرب وعلى سياسة التمييز عامة وفي جميع مجالات الحياة، كما دعا الى ذلك بعض النشطاء في قطاع المجتمع المدني، فكتب محمد دراوشة، وهو مدير مشارك لصندوق ابرهام، الذي يدعو الى التعايش العربي اليهودي والعمل المشترك في اسرائيل، وبعد ان زار مخيم الاحتجاج في تل ابيب، تحت عنوان "حان الوقت للإنضمام "، فدعا المواطنين العرب للانضمام الى حركة الإحتجاج الإسرائيلية تحت شعاراتها المدنية "الشعب يريد عدالة اجتماعية"، محذرا من محاولة استغلال الفرصة لرفع شعارات سياسية وقومية. اما الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة (الحزب الشيوعي) فقد دعت الى مشاركة جماهيرية في مظاهرات الإحتجاج في تل ابيب بموازاة حراك شعبي عربي في كل قرية ومدينة، منتقدة عدم فهم قيادات الحراك الإسرائيلي للعلاقة الجدلية بين العدالة الإجتماعية والحالة الإقتصادية الاجتماعية من جهة وانهاء الإحتلال والإستيطان من جهة أخرى. ومن هنا جاء قرار الجبهة في اجتماعها الأخير بالدعوة الى المشاركة في مظاهرات الحراك الشعبي في المدن والقرى العربية وفي تل ابيب تحت شعارات : "انهاء الإحتلال شرط اساس للعدالة الإجتماعية"..."لا ديموقراطية بدون عدالة اجتماعية". كما دعا حزب التجمع الوطني الديموقراطي الى مظاهرات احتجاج في عدد من المدن والقرى العربية والى مظاهرة قطرية في مدينة الناصرة، ورأى بان الحراك الشعبي الإسرائيلي "ينضوي تحت مظلة الإجماع الصهيوني" وبالتالي فهو لا يستطيع ان يعبر عن مطالب وطموحات فلسطينيي ال 48 ، ورأى ان "لتحقيق العدالة الإجتماعية في اسرائيل استحقاقات سياسية اولها تقليص دراماتيكي في ميزانيات الأمن والإستيطان"، وتغيير جذري في السياسة الإقتصادية التي تزيد الفقراء فقرا ويكون المواطنون العرب اول ضحاياها. من جهة اخرى طالب عضوا الكنيست احمد طيبي وطلب الصانع ، من التكتل الثالث للأحزاب العربية (التغيير والديموقراطي والحركة الإسلامية)، بتمثيل المواطنين العرب على قدم المساواة في الطاقم الذي اقامه بيبي نتانياهو لبحث امكانية تغيير النهج الإقتصادي، وهو طاقم مكون من 22 مختصا برئاسة البروفيسور طرختنبرغ، ومكلف ايضا بالحوار مع قيادات المحتجين حول طاولة مستديرة. ويلاحظ ايضا ان الأحزاب والقيادات العربية تُجمِع على التحذير من وصول الحكومة وقيادات الحراك الشعبي الى حلول على حساب حقوق المواطنين العرب، ولهذا التخوف الكثير مما يبرره، ومن هنا جاء الإجتماع الأخير للجان الشعبية العربية للدفاع عن الأرض والمسكن، ليلة أمس، في خيمة الأحتجاج في باقة الغربية، بمشاركة لجنة المتابعة العربية ووفد عن حركة الإحتجاج الإسرائيلية، وأجمعت اللجان الشعبية، على ضرورة تصعيد النضال الشعبي تحت مظلة لجنة المتابعة العربية العليا للجماهير العربية، التي من المفروض أن تعقد الخميس المقبل، اجتماعا لجميع اللجان الشعبية بالمجتمع العربي، للتباحث في سبيل تحريك النضال وتفعيل الجماهير، وكيفية التعامل مع المواقف الحكومية والاحتجاجات التي تشهدها البلدات اليهودية، احتجاجا على ارتفاع الأسعار.
من هنا، يمكن ان نحدد ما هو المشترك وما هو الخاص في موقف فلسطينيي ال 48 من الحراك الشعبي الإسرائيلي، فمصلحة فلسطينيي ال 48 كمواطنين هي مصلحة مدنية اقتصادية واجتماعية في محاربة الغلاء والفقر والبطالة والخصخصة وهذا ما يدعوها الى المشاركة في الحراك الشعبي العام، ولكن من ناحية اخرى لديهم مطالب اضافية ذات طابع قومي بصفتهم شعبا اصلانيا واصحاب الأرض والبلاد الأصليين، الامر الذي لم يلق في السابق وليس متوقعا ان يلقى آذانا صاغية لدى غالبية قيادات وجماهير الحراك الشعبي الإسرائيلي. اضافة الى اختلاف اساسي في وجهات النظر لحل الأزمة المتفاقمة في اسرائيل والتي ادت الى خروج هذا الجمهور الى الشارع، الفارق المتمثل بجدلية العلاقة بين السياسية والاجتماعي او فصلهما.
يبقى السؤال، هل العلاقة بين المطالب المدنية (الإجتماعية والإقتصادية) والإستحقاقات السياسية هي علاقة جدلية كما تقول القيادات العربية وبعض القوى اليسارية اليهودية، ام ان لا علاقة لهذا بذاك ، كما تدعي غالبية قيادات الحراك الشعبي الإسرائيلي؟
ان النظر الى التركيب السياسي لقوى الحراك الشعبي الإسرائيلي من خلال استطلاعات الرأي العام التي صدرت في الأسابيع الاخيرة يرى ان الغالبية العظمى من مؤيدي هذا الحراك هم في المعسكر السياسي اليميني، وقد اظهر آخر الإستطلاعات ان 88% من الجمهور اليهودي، ذي الغالبية اليمينية، يؤيد مطالب المحتجين، وان 46% من مؤيدي "الليكود" سيشاركون في المظاهرة القادمة وان 70% من منتخبي "كديما" سيشاركون فيها أيضا، وان 78% من الجمهور اليهودي يرى بأن الحركة اسرائيلية الصنع والقرار وليس للخارج أي تأثير فيها، بعكس ما حاولت بعض الجهات الحكومية ان تروج له بشكل غير رسمي، ومن هنا فليس غريبا الا تربط هذه الحركة تحقيق مطالبها الإجتماعية والإقتصادية بتقليص ميزانيات الحرب والإستيطان او بانهاء الإحتلال، بل توجهها ضد اباطرة رأس المال التي ازداد غناها فحشا على حساب الطبقة الوسطى، وليس غريبا ان يركب المتدينون اليهود ( الحرديم )على موجة الإحتجاج هذه للمطالبة بزيادة المبادرات الحكومية لإقامة مشاريع اسكان للازواج الشابة منهم، ولا ننسى ان وزير الإسكان هو واحد منهم، وكان أول إنجاز حققوه في هذا المجال هو إقرار بناء 4700 وحدة سكنية لليهود الحرديم في مدينة حريش الجديدة، بالإضافة الى 4100 وحدة اقروا سابقا، التي ستتسع الى 150 الف مواطن يهودي في منطقة وادي عارة على حساب القرى والمدن العربية المجاورة، بالإضافة الى اقرار توسيع مستوطنة جبل ابوغنيم على اراضي القدس العربية وبيت لحم في الضفة الغربية ومشروع اقرار توسيع مستوطنة جبعات همطوس، على طريق بيت لحم القدس، وتوسيع مستوطنات شمالي القدس، بما مجموعه 3500 وحدة سكنية واكثر. في هذا السياق ايضا دعا البروفيسور العنصري ارنون سوفير، احد ايديولوجيي الخطر الديموغرافي، الحكومة الى البناء في اللد والرملة وانتقال الشباب اليهودي للسكن هناك محذرا من انخفاض أسعار العقارات في تل ابيب الامر الذي سيسمح للطبقات الفقيرة من المتدينين الحرديم والعرب من شراء الشقق فيها. وفي هذا السياق ايضا استقبل المحتجون في تل ابيب يوم أمس للمرة الثانية قيادات المستوطنين في الضفة الغربية، الذين عبروا عن موقف مؤيد للحراك الشعبي معتبرين انفسهم شركاء في النضال، وهي في الواقع محاولة ذكية لمنع توجيه سهام هذا الحراك الى ميزانيات الإستيطان ولمنع ربط المطالب الإجتماعية بالاستحقاقات السياسية. كل هذا لا يعني ان الجمهور اليهودي مُجمِع بالكامل على الفصل بين الإستحقاقات السياسية المثمثلة بانهاء الإحتلال والإستيطان وبين تحقيق مطلب العدالة الإجتماعية، ومن هنا كتب المعلق السياسي ران اديلست يوم أمس ان التغيير الحقيقي يتطلب تغيير الحكومة ورأسها بيبي نتانياهو أولا.
إذن، في الوقت الذي يصر فيه مؤيدو التعايش العربي اليهودي من العرب واليهود على جدلية العلاقة بين السياسي والمطلبي، بين المدني والقومي، بين العدالة الإجتماعية وانهاء الإحتلال، بين الرفاه وتحويل ميزانيات الإستيطان الى ميزانيات اسكان شعبي داخل اسرائيل، ترى غالبية القيادة المتنفذة لهذا الحراك بامكانية تحقيق مطالبها بتغيير جذري في السياسة الإقتصادية بدون ربط ذلك بالإستحقاقات السياسية التي يطالب بها ما تبقى من اليسار اليهودي والمواطنين العرب، وهنا تكمن العبثية في ربط الاجتماعي بالسياسي، فان كان هذا الربط جدليا في المفهوم النظري الا انه عبثي في الواقع السياسي الحاضر، وما على المواطنين العرب في اسرائيل الا ان يخوضوا النضال بقوة اكبر اليوم، ليس فقط بهدف تحقيق مطالبهم العادلة، بل لمنع الوصول الى حلول اقتصادية واجتماعية على حساب الحقوق القومية لهم.
_______________
الجليل- 9.8.2011





حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .