الاثنين، 1 يونيو 2015

رسالة مباشرة الى اخواني ورفاقي في الحركة الاسلامية...


"القدس للمسلمين وحدهم"، هل حقا؟
نشر موقع بانيت اليوم ، الأول من حزيران، خبرا يتحدث عن منع الشيخ كمال خطيب ، نائب رئيس الحركة الاسلامية، من دخول القدس وباحة المسجد الاقصى المبارك بالذات، وتضمن الخبر مقتبسات حرفية على لسان الشيخ خطيب يقول فيها: " إنها القدس عاصمتنا وانه الأقصى قبلتنا ، وأننا لن نساوم أبدا على وحدانية حقنا فيه". حتى هنا يحسب القارئ المتفائل ان الشيخ خطيب يقصد "وحدانية" الحق الفلسطيني، ولكن يبدو ان الشيخ لا يريد لهذا القارئ ان يستبشر خيرا فيستدرك بالقول:  "... وأن القدس ستكون، ليس عاصمة الدولة الفلسطينية، بل إنها ستكون عاصمة دولة الخلافة الإسلامية العالمية، وعند ذلك سترون من سيكون صاحب السيادة فيها، بل لمن ستكون السيادة في الدنيا كلها، وإن غدًا لناظره قريب". لا اخفي شعوري بالقلق من هذا التوجه الاقصائي، وهو يتكرر على لسان الشيخ خطيب، وتمنيت في قرارة نفسي ان يكون هذا موقفا شخصيا وفرديا للشيخ خطيب، وان اصدقائي في الحركة الاسلامية، وهم لا ينكرون العهدة العمرية كما لا ينكرون العهدة المحمدية/ النبوية، لا شك انهم لا يوافقون الشيخ خطيب حتى وإن صمتوا عن الكلام. وانهم يعون ما يمكن ان يترتب على هذه التصريحات من تداعيات في العلاقات المسيحية الاسلامية، وكيف يمكن ان تستخدمها المؤسسات الصهيونية هنا لتثير القلق لدى الشباب المسيحي الفلسطيني هنا، ودفعهم الى الحضن الاسرائيلي، المعادي لشعبنا بمسلميه ومسيحييه على حد سواء. وفي أوروبا وأمريكا لتكرس العداء للاسلام والمسلمين، ولتصف نفسها وكأنها هي المدافع عن المسيحيين. فهل هذا ما قصده وتمناه الشيخ كمال خطيب؟
تابعت قراءة الخبر وزاد من قلقي وخيبة أملي قراءة بيان الحركة الاسلامية بهذا الخصوص وهو يقول: " هنا نؤكد أنه حتى لو تم منع الشيخ كمال خطيب وغيره من القيادات والناشطين فإن مسيرة الخير والعطاء نحو القدس والأقصى لن تتوقف ولن تعترف لغير المسلمين بذرة تراب واحدة من تراب المسرى" . اذن ليس الشيخ خطيب وحده، بل الحركة الاسلامية رسميا ترى بان القدس هي حق للمسلمين وحدهم. فهل هذا يعني انه ليس للمسيحيين حق بذرة تراب من القدس؟ هل تنكر الحركة الاسلامية على المسيحيين الفلسطينيين حقهم المشترك في القدس سوية مع اخوانهم المسلمين؟   
يبدو ان نهج الاقصاء لم يعد مقتصرا على شيخ واحد، وصحيح انه ليس غريبا عن حركة الاخوان المسلمين عامة، ولكني كنت اعتقد دائما، أو ربما اتمنى، ان الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني، وبسبب طبيعة النضال المشترك ضد العدو المشترك، والعلاقة الوطيدة مع مركبات الحركة الوطنية الفلسطينية، والعلاقات التي تربط بيننا في مسيرة نضال وتعاون مشتركين، تعي جيدا خصوصية المكان والحياة المشتركة في هذا الوطن المقدس، وتعي ان مثل هذه التصريحات تشكل مادة دسمة للعدو الصهيوني المتربص بنا دوما، وهي ارتداد عن العهدة العمرية كما هي ارتداد عن العهدة المحمدية ايضا. وليس هذا ما عهدناه فيكم.
وعليه فانني اعود واتمنى على اخواني في الحركة الاسلامية ان يعيدوا النظر في هذه التصريحات المقلقة، وان يصححوا ما يفسده متعصب، او متسرع دون قصد، كما اتمنى على القوى الوطنية الأخرى الا تضع الرؤوس في الرمال وتكتفي بالتأفف عن بعد، تحت شعار "لا تنشروا غسيلنا الوسخ" لأن الغسيل الوسخ لا بد ان يُزكم الأنوف ان لم يُغسل ويُنشر، وان عدونا يسمع هذا التأفف ايضا. ولا داعي للتذكير ان اكثر المدافعين عن الاقصى، من على كل منبر دولي، هو سيادة المطران عطالله حنا، فلا تفوته مناسبة للدفاع عن كنيسة القيامة إلا ويضيف اليها دفاعا مستميتا عن الاقصى المبارك، وهو مستمر في نهجه القومي والوطني بالرغم من شماتة الشامتين وتعصب المتعصبين.  وللتذكير ايضا، فان المسيحيين العرب لم يتحالفوا مع الافرنج في حملاتهم الدموية على شرقنا، بل عانوا من هذه الحملات أكثر مما عاني اخوانهم المسلمين، وقاتلوا ضد هؤلاء الغزاة  دفاعا عن اوطانهم ومقدساتهم ودفاعا عن القدس بالذات.
اليف صباغ

البقيعة 1 حزيران 2014



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .