الجمعة، 9 يناير 2015


انتخابات الكنيست 2015
     ماذا يحدث في شاس؟ صراع شخصي ام انشقاق تاريخي؟
تكثر التحليلات السياسية لمعلقين يختصون في حركة شاس وآخرين يجتهدون في فهم سلوكيات رجال الدين، وأكاديميين يركزون اهتمامهم على العامل الشخصي او النفسية او الانتماء الشرقي. و"يختلط الحابل بالنابل".!!
لم يكن الانشقاق في حركة "شاس" صدفة، ولا هو صراع شخصي مجرد، بل هو نتاج تطورات تاريخية  حصلت خلال عقدين من الزمن، ويمكن تلخيصها بعاملين اساسيين، الاول، هو دخول التيار الديني المتزمت الصرف الى الساحة السياسية منذ عقدين، واضطراره للسباحة في المياه السياسية البعيدة عن حياته الدينية الصرفة، مما الزمه نهجا سياسيا على حساب المبادئ والسلوكيات الدينية، واضطره الى اختلاق اعذار وتبريرات دينية لمواقف وأعمال لا تمت الى الدين بصلة، وهذا شان كل تيار ديني يلعب في الساحات السياسية، بغض النظر عن دينه. كان اهم النتائج لهذه المعارك هي قبول جزء من الحرديم للحركة الصهيونية كايديولوجيا سياسية يهودية بعد ان كانوا  في تاريخهم يرون بالصهيونية نقيضا او حتى عدوا لليهودية التي يؤمنون بها. وفي حين لم يكن ل"دولة اسرائيل"  اي قدسية في حياة الحريديم، وان قدسية "أرض اسرائيل"، في نظرهم، لا تشترط اقامة الدولة اليهودية فيها، فقد اصبحت "ارض اسرائيل" و"دولة اسرائيل" في نظر ايلي يشاي وجهان لقدسية واحدة، وقد عبر يشاي في خطابه الانتخابي عن هذا التغير في افصح الكلام. بهذا لا يختلف تيار يشاي كثيرا عن التيار الصهيوني المتدين لأحزاب "البيت اليهودي"، ومن هنا قد نرى تقاربا مستقبليا بين حزب يشاي وبعض اطراف "البيت اليهودي" مثل حزب "تكوماه".
اما العامل الثاني لهذا الإنشقاق، فهو غياب مؤسس حركة "شاس" وزعيمها بدون منافس، الراف عوفاديا يوسف، الذي طالما جمع بين الاقطاب المتصارعة في الحركة. لقد ادى غياب الراف عوفاديا الى تصاعد حدة الصراعات الايديولوجية السياسية والشخصية بين تيارين اساسيين وبين زعماء الحركة ايضا، بين درعي الذي يرى نفسه مؤسسا للحركة مع الراف عوفاديا، وبين ايلي يشاي الذي تزعم الحركة بغياب قسري للراف درعي لفترة طويلة، خاصة وهو يرى نفسه زعيما للتيار المتصهين في حركة "شاس"، هذا التيار المقبول اكثر اسرائيليا. بين التيار الذي يؤيد الاستفادة من الحياة السياسية دون التقرب من او المصالحة مع الصهيونية وتقديس الدولة والانخراط في الجيش، بقيادة درعي، وبين تيار آخر بقيادة ايلي يشاي يرى بان سياسة درعي ستبقي شاس خارج الحكومة الامر الذي ر يسمح لها بالاستفادة المادية من الدولة. وهل تستطيع شاس ان تعيل ابناءها بدون ميزانيات الدولة؟ من هنا لا بد من رؤية هذا الانقسام علامة تاريخية فارقة في حياة التيار الديني المتزمت (الحرديم) وقد يؤثر ايضا في حياة الحرديم من اصل اشكنازي في مرحلة لاحقة.
                              _________________________

اليف صباغ  /البقيعة 2.1.15


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق