الاثنين، 4 مايو 2015

مناورات إسرائيلية بالذخيرة الحية داخل الاراضي الاردنية..ماذا يعني ذلك؟.

اجرت قوات الاحتلال الاسرائيلي الاسبوع الماضي مناورات واسعة في الاغوار الفلسطينية ، استخدمت خلالها نيران كثيفة من اسلحة متوسطة، ومعدات ثقيلة منها دبابات وجرافات وعملية تركيب جسور على ضفتي نهر الاردن، ضمن عملية مطاردة او عبور لنهر الاردن الى الضفة الاردنية مع مواصلة اطلاق النار، كل ذلك عرضته فضائية الجزيرة ولم تنكر اسرائيل كل ما حصل، ولكن الاهم في الامر ان الاردن لم يبلّغ مسبقا بهذه المناورات ولم يحتج ايضا على عبور القوات الاسرائيلية لنهر الاردن دون اذن من الطرف الاردني..هل حقا ان الاردن لم يبلغ؟ ام ان اسرائيل لم تعد تأخذ من الاردن اذنا حين تعبر النهر شرقا، ولماذا؟
ليس خفيا ان قوات الاحتلال تقوم بمناورتين كبيرتين سنويا في الاغوار الفلسطينية، ويعاني سكان الاغوار في كل مناورة من اضرار جسيمة، منها طرد السكان من اراضيهم ومصادرة مواشيهم وهدم منازلهم او كهوفهم التي يعيشون فيها، في منطقة الخليل بالذات. وليس خفيا ان احد اكبر الالوية الاسرائيلية يتدرب في معسكر "بكعوت" شمالي الاغوار الفلسطينية، وان هذا اللواء يشمل ستة كتائب، وهم اصغر الجنود سنا، ويتدربون على اشكال القتال كافة، وخاصة على القتال داخل المدن وما يسمى بحرب الشوارع وحرب العصابات،  وبعد الانتهاء من هذه التدريبات ينضم الجنود الى وحدات القتال المختلفة في الجيش الاسرائيلي. وهذا اللواء يشارك في المناورة المذكورة مشاركة اساسية ولكنه ليس وحده.
ويبدو من هذه المناورة الكبرى انها لا تستهدف الحالة الفلسطينية بقدر ما تستهدف الحالة الاردنية والعربية بشكل عام. لماذا؟
منذ سنة واكثر، تنشر وسائل اعلام اسرائيلية، نقلا عن مصادر عسكرية، تخوفات من تعاظم قوى داعش جنوبي  الاردن وخاصة في منطقة مَعان، وهذه التحذيرات ليست لمرة واحدة بل مستمرة وبدون انقطاع، ولكن ما زاد من التخوفات الاسرائيلية هو المحاولات الناجحة لتسلل اشخاص من الاردن في منطقة وادي عربة ودخولهم الى اسرائيل سرا، وقد فعل ذلك سبعة اشخاص خلال شهر آذار الماضي وتم القبض على اثنين منهم فقط، وتبين انهما تركيا الجنسية، اذ ادعيا انها دخلا البلاد "بحثا عن عمل"، وما تزال المخابرات الاسرائيلية، وفق المصادر الامنية، تحقق في الموضوع وتبحث عن المتسللين الآخرين. ولكن البحث الاهم، لدى الاجهزية الامنية، هو كيف تمكن هؤلاء من عبور الحدود في منطقة وادي عربة؟
تقول المصادر العسكرية ان -الشريط الحدودي، الاسرائيلي الاردني، يحتلف نوعيا عن الشريط الحدودي مع مصر او مع لبنان او سوريا، فهو شريط عادي لا يتضمن معدات متطورة مثل كاميرات مراقبة متطورة ، ولا انتشار مكثف لجنود الاحتلال، كما هو الحال على الحدود الاخرى، فقائد المجموعة العسكرية الحدودية مسؤول عن تأمين 70 كيلومترا على الحدود مع الاردن، مقارنة بسبعة كليومترات على الحدود الاخرى، ويفتقر الى المعدات الالكترونية وحتى الى نوعية الشريط الحدودي وعلوه وما الى ذلك، فكيف يمكن تامين الحدود في مثل هذه الحال؟
لا تخفي المصادر العسكرية ان اسرائيل اعتمدت خلال عشرات السنوات السابقة على حرس الحدود الاردنيين، فاقامت معهم ، ومع النظام علاقات واسعة وعميقة سرية، وبعضها ما يزال قائما بشكل سري ايضا، ومن خلال هذه العلاقات أمنت اسرائيل عدم تسلل اي شخص من الناحية الاردنية، وبالتالي فان تسلل الاشخاص السبعة على اربع دفعات خلال شهر واحد فقط، يعني انه لم يعد ممكنا الاتكال او الثقة بالاردنيين، خاصة وان احتضان "داعش"، وفق التقديرات الاسرائيلية، في تزايد مستمر خاصة في جنوبي الاردن. ومن هنا تتخوف اسرائيل ان يشكل "الدواعش" خطرا عليها من الجنوب في ظل احتضان شعبي وربما تهاون من قوات حرس الحدود الاردنية.
جاءت هذا المناورة الكبرى، ليس فقط تدريبا سنويا لقوات الاحتلال، بل جاءت أكبر واوسع من كل التدريبات التي سبقتها، وقد استخدم فيها عتادا وعمليات لم تستخدم في السابق، والاهم انها شملت عبورا بريا الى شرقي النهر ودون ابلاغ الطرف الاردني، بذلك فهل في ذلك رسالة الاردنيين؟
ان مراجعة بسيطة للتقديرات الاسرائيلية من خطر "داعش" المتنامي من الشرق، ومراجعة للدور الاردني في حراسة الحدود بين الماضي والحاضر، وللدور الاسرائيلي ضمن غرفة العمليات الاقليمية والدولية  ضد سوريا، ومركزها الاردن، قد يشير الى ان المناورات الاسرائيلية الاخيرة كانت جزءا من الدور الاقليميى لاسرائيل، وما تَنكر الاردن معرفتها بهذه المناورات حتى لا تكشف عن اهداف هذه المناورة. اما  اذا صح الخبر بان اسرائيل لم تبلغ الاردن بالمناورات، رغم عبور قواتها نهر الاردن الى الشرق، فيشير ذلك الى ان اسرائيل تبعث برسالة ضمنية الى الاردن مفادها، ان اسرائيل لم تعد تثق بالقوات الاردنية على الحدود، وان الدور الاردني التاريخي اصبح امام علامة سؤال كبرى.  اضافة الى ذلك ، فقد تتضمن الرسالة استهتارا باتفاقية وادي عربة، وعدم احترام للسيادة الاردنية. ولا غرابة  ان تشمل المناورة التالية خرقا للاجواء الاردنية ايضا، وقد يكون هذا الخرق حاصلا هذه الايام ايضا، من خلال طائرات استطلاع بدون طيار تجمع المعلومات، ولا تجرؤ السلطة الاردنية ان تعترض على ذلك. وقد تشمل هذه المناورة كل هذه الرسئل مجتمعة ايضا. ....هكذا تفهم اسرائيل طبيعة العلاقة مع الاردن.


اليف صباغ

4/5/2015



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق