الخميس، 26 يناير 2012

رسالة الى السيد الرئيس. كفى! الم يحن الوقت بعد؟

رسالة الى السيد الرئيس.

كفى!
ألم يحن الوقت بعد؟

مع بداية عملية التسوية السياسية كان يحلو لنا ان نكرر تشبيهها بالنفق، ونصر على ضرورة رؤية الضوء في نهاية النفق قبل دخوله. لكننا، وان تأخرنا كثيرا، فهمنا لاحقا ان التشبيه غير سليم، خاصة بعد ان تنازلنا عن الشرط ولم نر يوما الضوء في نهاية "النفق"، الذي دخلناه بثقة زائدة، وكنا قد القينا جانبا بكل التحذيرات التي أطلقتها بعض الفصائل، مصرين ان النتائج المرجوة هي "تحصيل حاصل". فعلا، لقد كانت "تحصيل حاصل" مجمل الاخطاء التي عدنا عليها مرة تلو الاخرى دون مراجعة وحساب، ولم يكن من يصغي للتحذيرات الصادقة.
لا بأس، دعونا نعترف اننا لم ندخل نفقا، بل منجما قديما له فتحة علوية واحدة، وفي أسفله انفاق وتشعبات ليس لها آخر او اتجاه معلوم، والمنجم بطبيعته يشير الى كنوز مأمولة منه فتأملنا خيرا، ولكن كثرة التشعبات وقلة الاكسجين والضوء في أي من تشعباته أكدت لنا ان مغاور ترابورا افضل من هذا المنجم بكثير.
عندما عاد المفاوض الفلسطيني، صائب عريقات، هذه المرة، الى اللقاءات "الاستكشافية" مع المندوب الاسرائيلي مولخو في عمان، فوجئ الجميع من تراجع الموقف الفلسطيني الذي ابدى صلابة لم يُبدها من قبل، وفقط الحكومة الاسرائيلية بقيت تراهن الغرب ان الفلسطينيين سيتراجعون بعد حين وان الانظمة العربية تكفل ذلك. وتساءل الجميع، ما الذي جعل ابومازن يقبل بالعودة الى طاولة المفاوضات دون تحقيق أي شرط من شروطه؟ هل هي "إكراما للملك"؟ ولماذا نكرمه على حساب حقوقنا؟ ولماذا أخذ الملك عبدالله الثاني مبادرته أصلا وتكفل بإعادة السلطة الى الطاولة؟ هل يرغب بأخذ دور اقليمي على غرار ما تقوم بع الدويلات العربية الصغيرة في هذه الايام؟ أم انه ينتظر مكافئة أمريكية لتدعيم حكمه المهزوز؟ قلنا، آنذاك، ان الملك سيسافر الى امريكا قريبا، وكالعادة، لا بد ان يحمل بيده هدية لأوباما، ليحصل على المكافئة. وهل هناك افضل من مفاوض فلسطيني على طاولة نتانياهو؟ وبالرغم من تحذيرات ونداءات المناضل مروان البرغوثي، لم يطل الوقت حتى فشلت هذه اللقاءات "الاستكشافية" المهينة، ولم يكن الامر مفاجئا، ولكن المهم بالنسبة للملك ولاسرائيل وامريكا واوربا ان الملك نجح في اعادة الفلسطينيين الى الطاولة وكسر تعنتهم وبهذا يمكن تذكيرهم دائما بقابليتهم للكسر او ليّ ذراعهم، وبالتالي لا داعي للعناد مرة أخرى، وسيدفع الفلسطينيون ثمنا غاليا لقاء عنادهم القادم لأنه سيكون من الصعب اقناع الاصدقاء انهم لن يتراجعوا "اكراما" لهذا او ذاك، وبالمقابل حصل الملك على "برافووووو" امريكية ورفع اوباما سماعة الهاتف الى رئيس البنك الدولي بالموافقة ليستلم الملك مبلغ 250 مليون دولار لتدعيم حكمه المتداعي. اذن حصل الملك على مبتغاه وحصلت امريكا واوروربا واسرائيل كل على مبتغاها باعادة الفلسطينيين الى ما يشبه طنجرة السلق. نعم، لم يعد التشبيه بالنفق او بمغارة تورابورا افضل من تشبيه عملية التسوية هذه بطنجرة سلق البطاطآ. كلهم يريدون أكل البطاطا المسلوقة منهم من يحبها مع ملح وآخر بدون ملح وثالث يحبها مع زبدة وبعض التوابل ويسميها الفرنسيون "بيريه"، المهم يجب ان تكون مسلوقة الى آخر حد.
لقد وُضعت حبة البطاطا الكبيرة في طنجرة السلق منذ ما يقرب 19 عاما، ولكنها، على ما يبدو، لم ينضج بعد لصنع "البيريه". بين الحين والآخر كان لا بد من فحصها فالتهم الطباخون جزءا منها فتبين لهم كل مرة انها لم تنضج بعد، فشطروها الى نصفين عل ذلك يسهل نضجها ولكن ذلك لم يحصل، مع مرور الوقت اخذ الماء يجف في الطنجرة فأضافوا اليها كل من عنده قليلا، مرة أخذ الاوروبيون على عاتقهم زيادة الماء ومرة الامريكان وحين استعصى الامر عليهم قام العرب بهذا الدور، المهم ان تستمر حبة البطاطا في طنجرة السلق على النار وان كانت هادئة، والمهم الا تجف المياه لئلا تحترق البطاطا ولا تعود صالحة للأكل، اسرائيل تجلس وتنتظر نضوج حبة البطاطا، وليست على عجل، لا شك انها تريد ان تأكلها على شكل "بيريه" وهذا افضل حال، ولكنها لا تأسف أبدا لو جفت المياه في الطنجرة واحترقت البطاطا. فلتحترق لجهنم! يقول بيبي ومن معه، بهدوء اعصاب تام. أما نحن، فمتى ننزل البطاطا الفلسطينية عن النار؟ متى نخرج من طنجرة السلق؟ هل ننتظر ان ننضج فيلتهمنا نتنياهو وغيره على شكل بيريه ؟ ام لتحترق الطنجرة ونحترق معها؟
كفى يا سيدة الرئيس!!!
كفى مهانة واذلالا!!!
كفى تحقيرا لشعب مناضل مجده التاريخ وسجدت لنضالاته وتضحياته الشعوب الشريفة.
الم يحن الوقت بعد ليستعيد هذا الشعب كرامته وعزته واباءه المعهودين؟
فمن كان عاجزا فليذهب، اليس العجز هو آخر مراحل الحياة؟ ومن كان قادرا فليتقدم !
إن الحياة لا تحب العاجزين...

اليف صباغ
مدونة حيفا برس
27.1.2012


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق