الأحد، 3 فبراير 2013

دعوة مفتوحة لمراجعة المسار


            

يخطئ من يعتقد ان فلسطينيي ال 48 قد تجاوبوا مع نداء جامعة النعاج العرب، او مع نداء صحيفة "هآرتس" لتكثيف المشاركة في التصويت للكنيست الصهيوني، فهبوا لرفع نسبة مشاركتهم. لقد اثبتت النتائج الرسمية ان نسبة التصويت لم تتعد 56% (بدل 53%) من اصحاب حق الانتخاب العرب، وهذه النسبة تضمن اكثر من 90 الف صوت عربي ذهب للاحزاب الصهيونية، وهم يساوون حوالي 22% من مجمل اصوات المشاركين العرب، ويتضمن ايضا نسبة تزييف عالية جدا وثّقها مراقبو الانتخابات بالصوت والصورة، ونشر بعضها مراقبون يهود في الصحف العبرية ايضا، ليس صدفة ان بلغت نسبة التصويت في احد الصناديق، وقد تم اختياره صدفة، الى 109% من عدد الناخبين المسجلين فيه، وفي صندوق ىخر بلغت 131% وقس على ذلك. لقد اغمضت الهيئات الرقابية الحكومية أعينها القانونية عن كل ذلك، لأن المهم  هو رفع نسبة التصويت لدى المواطنين العرب. لماذا؟

يخطئ من يعتقد ان فلسطينيي ال 48 يستطيعون الحصول على أي حقوق قومية، بصفتهم ابناء البلاد الاصليين، من خلال الكنيست الصهيوني، لأن الكنيست الصهيوني مكلف في أساسه وفي ايديولوجيته، كذراع تشريعي للمشروع الصهيوني، ان يصدر القوانين التي تحرم أبناء البلاد الاصليين من حقوقهم القومية، وهذا هو السبب الاساس لعدم إعتراف هذا البرلمان بالهوية الفلسطينية للمواطنين العرب وبحقوقهم القومية الاصلانية، وضمن ذلك حق أهالي النقب في أراضيهم، وإن كانت غير مسجلة في الطابو، هذا ما تتضمنه الوثيقة الاممية الخاصة بحقوق الشعوب الاصلانية. البرلمان الصهيوني لا يعترف بنا حتى بصفة اقلية قومية، وما زال يعمل لتفسيخ ابناء الشعب الواحد الى أقليات دينية وطائفية، وليس أكثر. أوليس الكنيست الصهيوني هو من شرع كل القوانين العنصرية وكل القوانين التي حرمتنا من بلادنا ومن أراضينا الخاصة؟ الكنيست في افضل حالاته هو المؤسسة التي يمكن من خلالها سن قوانين تحسن وتدافع عن الحقوق المدنية لكافة المواطنين، وربما من خلال ذلك يحظى فلسطينيو ال 48 بفتات المائدة التي يأكل منها المستوطنون اليهود في بلادنا، وتكفي مراجعة بسيطة للتأكيد انه لم ينجح النواب العرب في تمرير أي مشروع قانون لغاية اليوم يخدم مصلحة العرب وحدهم، بل يتم تبني مشاريع قوانين يقدمها النواب العرب فقط إن كان للغالبية اليهودية الحاكمة مصلحة فيها ايضا، ومن "ماء الورد يشرب العليق".

يخطئ من يعتقد ان توجيه أسهم اللوم والعتاب او الاتهامات التافهة، وحتى تحميل المسؤولية لمن قاطع هذه الانتخابات، انه يستطيع تغيير المسار، لان المقاطعة ليست موقفا فرديا، ولا هي كسل سياسي، ولا تململ او إحباط، بل هي مسيرة تاريخية تتجذر اكثر واكثر لمراجعة مسار تاريخي دام 64 عاما دون أن يجرؤ القياديون على اعادة تقييمه، وحال المنتفعون دون مراجعته ايضا. مسار مليئ بالتضحيات والانجازات التي لا يستطيع ان ينكرها أحد، ولكنه مليء بالاخفاقات ايضا ويحتاج الى وقفة تاريخية علمية وجريئة. لم نعد في سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، فقد تخطينا تلك المرحلة، لم يعد التصويت للكنيست وطلب الجنسية الاسرائيلية وسيلة لتفادي "الكب" أي الطرد من الوطن. لقد كنا آنذاك كالأيتام على مأدبة اللئام حقا، دون تواصل مع شعبنا وأمتنا، ولم تعرف أمتنا عن وجودنا اصلا. تٌركنا اطفالا فقراء يتامى لا نتجاوز 150 الفا، دون قيادة ودون مؤسسات وطنية، مهزومون حتى النخاع، استفردت بنا قوى الشر دون مؤسسات حقوقية محلية او دولية تدافع عنا، دون إعلام محلي او دولي، دون قيادة تجمع الشمل وتقوم بالحمل، دون كوادر اكاديمية ومهنية قادرة على شق الطريق الصعب، فكان تلك المرحلة هي مرحلة البقاء كما سماها السابقون ودفعنا خلالها ثمنا باهضا، فهل يصح اليوم ما كان صحيحا آنذاك؟

هذه هي الصورة الواقعية للحالة التي يعيشها النواب العرب في الكنيست الصهيوني، ومن هنا يتوجب على مجمل القوى السياسية في بلادنا ان تقف ولو مرة واحدة، بجرأة وواقعية، تقيم هذا العمل البرلماني من جديد، فهل نحتاج الى الكنيست لبناء هويتنا القومية؟ وهل نحتاج الى الكنيست للدفاع عن حقوق أهلنا في النقب وحقهم في أرضهم وفي قراهم المهددة بالهدم؟ وهل نحتاج الى الكنيست لنسمي شوارع مدننا بأسماء رموزنا الوطنية؟ وهل نحتاج الى الكنيست للدفاع عن حق أهلنا في القرى المهجرة للعودة الى قراهم؟ وهل نحتاج الى الكنيست للقيام بتخطيط بديل لقرانا ومدننا التي تنقصها الخرائط الهيكلية؟ وهل نحتاج الى الكنيست للاعتراف بشرعية وجودنا؟ ألم نعبر هذه المرحلة بعد؟

هذه دعوة مفتوحة لمناقشة الموضوع بكل جوانبه وتداعياته، وهي مبادرة لا نقرر فيها نتائج المناقشة قبل بدئها، فلكل منا رأي ابتدائي هذا صحيح وشرعي، ولكن المهم ان ننفتح على الاراء الاخرى، علنا نخرج سويا بموقف جمعي يعبر عن وجهتنا كشعب، الم يحن الوقت بعد لنتصرف كشعب مصلجته فوق مصلحة الافراد والاحزاب؟ وهل يوجد شعب في هذا العالم لا يتوقف بين الفترة والاخرى لتقييم مسيرته التاريخية؟

 

اليف صباغ

مدونة حيفا برس

البقيعة 3.2.13





حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق