الخميس، 4 ديسمبر 2014

ليس من حقكم تغييب السقف الوطني الجامع !


      اليف صباغ:  
      ليس من حقكم تغييب السقف الوطني الجامع !
بمناسبة مرور 34 عاما على منع انعقاد مؤتمر الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل،  واقامة لجنة المتابعة العليا، نعود مرة أُخرى،  وأُخرى، لنؤكد ضرورة انتخاب رئيس جديد للجنة في أقرب فرصة. رئيس يقود ولا يُقاد، يشكل حلقة وصل قوية بين الجميع، لا يمشي بين النقاط المطر ولا "جبل مصائب" لجميع مركبات لجنة المتابعة، وكلٌّ يلقي عليه مصيبته ويوجه اليه سهامه. لا تتهموا الرئيس بأي تقصير او ضعف، فأنتم من اختاره  توافقيا، بكل ما فيه من حُسن النوايا والطّيبة  و"الضعف" .  
يبدو أكثر وأكثر، ان انتخاب رئيس جديد للجنة المتابعة العليا لم يعد مهما، خاصة بعد ان أطل علينا رئيس الحكومة، نتانياهو، بمبادرته لحل الكنيست والذهاب الى انتخابات برلمانية جديدة، او ان البعض يخشى من سقف لجنة المتابعة بديلا للسقف البرلماني الاسرائيلي الذي يعيش في ظله!!  لقد اصبح الحزب في نظر البعض هو الأهم ، وعضو البرلمان هو الأهم في الحزب، فهو يوظف من يشاء،  ويُقصي من يشاء، ويرفع من يشاء، ويصرّح كما يشاء لا رقيب ولا حسيب، وهو الذي يحاسِب ولا يحاسَب.  وأصبح البرلمان أهم من لجنة المتابعة، لأن البرلمان هو من يدرّ المال الوفير والضوء المنير، وليس لجنة المتابعة.  الله يرحم ايام زمان!!! عندما كان للحزب مندوبين في البرلمان والنقابات والسلطات المحلية، وحتى في لجان اولياء أمور الطلاب، اما اليوم، فقد أصبح للبرلماني حزبا وصحيفة يروّجون لشخصه ، وجهورا يصفق لزعيمه او زعمائه ويتعصب لهم. من هنا لم يعد جائزا ان تسمى هذه الاحزاب الا بالاحزاب "البرلمانية".
ينسى اعضاء الكنيست العرب، او يتناسون، ان حوالي 50% ، واذا اخذنا بعين الاعتبار حملة تزوير الارادات التي تغض الحكومة النظر عنها، فتصل النسبة الى 60% من جمهور الناخبين الفلسطيني في الداخل، لا يشارك في الانتخابات البرلمانية، وليس صدفة او كسلاً كما يدعون، وبالتالي فهم لا يمثلونه.  أما لجنة المتابعة فهي الإطار الجامع الذي يضمن لهذه القوى الوطنية ان تتمثل فيه، وان لم يكن بالقدر الذي تستحق حتى الآن.  أقول:  ليس صدفة، ولا انسى تحميل حكومات اسرائيل المتعاقبة المسؤولية الأساسية لهذه المقاطعة، ذلك لأنها لا تفسح اي مجال لتحقيق اي انجاز وطني لأصحاب البلاد الاصليين من خلال البرلمان، بسبب طبيعة هذه السلطة وايديولوجيتها. وهي لا تمكن اعضاء الكنيست العرب حتى من تحقيق انجازات مدنية لصالح ناخبيهم بسبب سياسة الاقصاء والعنصرية السائدة والمتفاقمة. لكن في الوقت نفسه لا يجوز ان ننسى مسؤولية اعضاء الكنيست انفسهم وأحزابهم لما وصلت اليه حالنا، لقد اصبح التعصب الحزبي والزعاماتية هي، هي ، ما يشغل الاحزاب والبرلمانيين على حد سواء. عند مراجعة البرامج الانتخابية لأي حزب برلماني تكاد لا تجد فروقا جوهرية، وكذلك في الخطاب السياسي البرلماني، اللهم الا في الأداء الفردي والكرزماتية او الزعاماتية. وتجد ان السلوك الحزبي والعلاقة مع الجماهير يغيّب المبادئ والمواقف السياسية، ويحركه هدف واحد وهو الحفاظ على أكبر عدد من الناخبين للكنيست،  وفي داخل الاحزاب تغيب المبادئ والاخلاق، ويأكل الحمار الدستور خدمة لمصلحة هذا الزعيم البرلماني أو ذاك. والأهم الأهم، هو تغييب الأطر الوطنية الجامعة، مثل لجنة المتابعة العليا، تحت اقدام الصراعات الحزبية والمناكفات والحساسيات الشخصية. كل هذا جعل الجمهور الفلسطيني في الداخل يمقت هذه الاحزاب، ويمقت التعصب الحزبي كما يمقت العصبية الطائفية والحمائلية، ويرفض السير خلفهم كالقطيع، ويزيد من مقاطعة الانتخابات البرلمانية.    
 لقد وُجدت لجنة المتابعة العليا للضرورة الوطنية، بعد ان منع رئيس الحكومة مناحيم بيغن، بأمر عسكري وفق قانون الطوارئ، انعقاد مؤتمر الجماهير العربية في الداخل، ، الذي كان يفترض انعقاده في السادس من كانون الاول 1980 ، لكي يكون السقف الوطني الجامع للقوى الوطنية التي صمدت في وطنها بعد الاحتلال الاسرائيلي عام 1948. وشُكّلت هذه اللجنة لتكون هيئة وطنية عليا وموحدة، تعبيرا عن وحدة شعبنا الوطنية ورفضا للتجزئة الطائفية والحمائلية والحزبية على حد سواء. أُقيمت لتكون الهيئة الوطنية العليا لشرفاء هذا الوطن، لتكون هيئة مؤقتة لمتابعة مجمل القضايا الوطنية والمدنية لجماهيرنا الفلسطينية في الداخل، لحين عقد المؤتمر الوطني المذكور. لكن، ولهذه الاسباب جميعها، ليس من حق اي حزب او فئة مهما بلغ شأنه او يحل اللجنة او يقلل من شأنها وأهمية حضورها في حياتنا السياسية والوطنية  ومستقبلنا في بلادنا، واذا بحثت اي جهة ضرورة اعادة تركيبها من جديد باعتبار انها "قد استوفت مهامها"، فمن واجب كل شخص، وكل فئة، وكل حزب، ان يعمل على رفع مستوى عملها، حتى نصل الى تحقيق ما منعتنا السلطات من تحقيقة قبل حوالي 34 عاما، وهي "تستوفي مهامها" فعلا، بانعقاد مؤتمر الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل، لكي يكون هذا المؤتمر هو الاطار الفلسطيني الوطني الجامع، فوق كل الانتماءات الضيقة.
لجنة المتابعة العليا لجماهيرنا الفلسطينية وُجدت لتكون سقفا وطنيا جامعا، وصوتا موحَّدا وموحِّدا لجميع الاحزاب والحركات السياسية الوطنية، من رجال ونساء وشباب وشابات، ورجال أعمال ومزارعين وعمال، ومن محاضري جامعات واكاديميين وطلاب مدارس ... الخ. وهي باقية حتى عقد مؤتمر الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل، ويفترض ان تعمل اللجنة، وفق ما انيط بها عند تأسيسها، بمثابرة، ولا تألُ جهدا لتحقيق هذا الهدف.  مؤتمرنا هو برلماننا الوطني الحقيقي، ولا يستغربَنَّ أحدٌ ان تزداد نسبة المقاطعة الفعلية لانتخابات الكنيست القادمة مهما بلغ التخويف والتهويل والاغراءات.
                                                ___________________
خاص بموقع "الحياة"- الناصرة
اليف صباغ- البقيعة

2.12.2014


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق