الاثنين، 22 ديسمبر 2014

القائمة المشتركة بين "التكتيك" و"الاستراتيجية"


اليف صباغ: "تكتيككم" ليس تكتيكنا، و"استراتيجيتكم" ليست استراتيجيتنا.
   

      القائمة المشتركة بين "التكتيك" و"الاستراتيجية"


يجتمعون ويُصَرِّحون ويَصرُخون أيضا، يتحدثون، يناقشون، يلومون، يعاتبون ويستعدون للتنازل، او التقاسم او التعالي، ولا يشترطون طالما انه على حساب المجموع، ولكن عند "الأنا"! نعم يشترطون... أنا في رأس القائمة وإلاّ فلا... ليس فلان في رأس القائمة وإلاّ فلا.. هذا ولم نصل بعد الى "الأنا" في الترتيب الحزبي الداخلي، وقد يكون القادم اعظم!
هل حقا يريدون الوحدة كما تفهمها وتريدها الجماهير العربية؟ ام أن هناك مفاهيم مختلفة للوحدة؟ هل هي وحدة الصف النضالية؟ ام وحدة برلمانية، فرضتها نسبة الحَسم، لتضمن البقاء للجميع؟ هل هي "تكتيك" ام "استراتيجية"؟ 
عند السؤال عن التكتيك والاستراتيجية، "يختلط الحابل بالنابل"، لأن تعريف المصطلحات غائب، فيصبح مفهوم التكتيك هو المراوغة وتصبح الاستراتيجية هي الهدف البعيد، وهذا بعيد تماما عن التعريف السياسي للمفهومين، فقد يصح ان يكون تعريفا عسكريا للمفهومين ولكنه ليس سياسيا بالتأكيد. فالمفهوم السياسي للتكتيك هو الأدوات والوسائل المستخدمة للوصول الى الأهداف المرجوّة، وبالتالي، لا بد ان تكون وحدة القوائم البرلمانية تكتيكا وهذا ليس عيبا. اما الاستراتيجية فهي مجموع الأهداف، قريبة المدى أو بعيدة، وبلا شك يجب ان تكون الاهداف البعيدة ضمن رؤية مستقبلية، قد تسمى رؤية استراتيجية. من هنا، لا بد من الاعتراف إن النقاش عن وحدة القوائم البرلمانية العربية ليس اكثر من تكتيك لتحقيق أهداف ما، وهو لن يؤتي ثماره ان لم يحدّد المعنيون أهدافهم أولاً. فهل من أهداف تم تحديدها لغاية الآن سوى رفع نسبة التصويت وزيادة عدد المتنعمين بالمعاشات العالية والسيارات الغالية والمصاريف الجارية، والمساعدين او المساعدات، وأطيب الأكلات وأرقى الأوتيلات؟ ولا حَسَد... فكُلوا ما طاب لكم، وعيشوا كما يحلو لكم، صحتين عليكم، ولكن... أتركوني خارج هذه اللعبة، لأنها تعنيكم وحدكم ولا تعنيني، كما انها لا تعني الجزء الاكبر من شعبنا. ولكن احذروا انكم لستم وحدكم في اللعبة القائمة على قِيَم المصالح الذاتية المشروعة!
لو كانت وحدة الجماهير العربية تعني هؤلاء فعلا، او ما يسمى بالوحدة الكفاحية للجماهير العربية، فكيف يمكن ان تتحقق طالما لم تحددوا الأهداف المشتركة للجماهير، بعيدة المدى او قريبة المدى، او ما تسمونها بالاستراتيجية؟ وما المشكلة ان تتمثل هذه "الوحدة الكفاحية" في عمل مشترك ضمن أهداف مشتركة، لقائمتين برلمانيتين؟ ولو كانت الوحدة الجماهيرية هي التي تعنيكم فعلا، فكيف يمكن ان تتحقق في البرلمان وهو لا يشمل اكثر من 50% من الجمهور العربي، ولا تتمثل في وحدة وفعالية لجنة المتابعة العليا التي تمثل كل شعبنا في الداخل الفلسطيني، او اغلبيته الساحقة؟ وان كان الهم الوطني هو ما يعنيكم، فهل ينحصر الهم الوطني في تحقيق "الأنا" أولا؟ وإلا فلا......؟ "قد تستطيعون تضليل كل الناس مرة، او تستطيعون تضليل بعض الناس مرات ومرات،  ولكنكم لن تستطعوا تضليل كل الناس مرة بعد اخرى ".   
قد تكون التحديات التي تنتظركم في الكنيست القادمة اكبر من "الأنا" الفردية او الحزبية، فهل أنتم على استعداد ان تدخلوا الحكومة برئاسة حزب العمل؟ هذا السؤال يحتاج الى جواب الآن. وهل تعتقدون ان الاحزاب الصهيونية ستترك لكم مصوتيها العرب كما تركتها لكم في المرات السابقة؟ ألا ترون ان المرشحين العرب الجُدد، في الاحزاب الصهيونية، يجهزون انفسهم ليكونوا في حكومة حزب العمل؟ وسيكون من الصعب عليكم منافستهم في "الوطنية" البرلمانية؟
حين يصبح البرلمان الصهيوني هو الملاذ الأهم للأحزاب العربية، على حساب لجنة المتابعة العليا، وهي السقف الوطني الوحيد لجماهيرنا الفلسطينية الصامدة، كما هو الحال اليوم، فلا داعي لرفع شعارات وطنية فارغة من المضمون. قولوا للناخب العربي وبصراحة تامة، انكم ذاهبون الى الكنيست الصهيوني ببرنامج مدني برلماني، واه لا يمكن تحقيق اي انجاز وطني من خلال الكنيست، واٌلعبوا لعبتكم كاملة هناك! كونوا ممثلين لأحزابكم في البرلمان كما هم زملاؤكم في الهستدروت والسلطات المحلية! واٌتركوا الساحة الوطنية للجماهير ومن يمثلهم فعلا، واٌتركوا لجنة المتابعة العليا للجماهير التي تقرر ممثليها فيها.
إن استراتيجتكم ليست الإستراتيجية الوطنية لشعبنا، وتكتيككم ليس تكتيكنا، وساحتكم ليست ساحاتنا.                                                    _____________________

البقيعة 22.12.14   


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق