الأحد، 15 مايو 2011

الحقل الفلسطيني والحصاد الإسرائيلي

الحقل الفلسطيني والحصاد الإسرائيلي ل- 15 ايار

ما قدمه ابناء اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والضفة والقطاع وحتى داخل مناطق ال 48 من شجاعة واصرار على تحدي كل المخاطر من اجل التاكيد على حق العودة الى وطنهم وبيوتهم التي اخرجوا منها عنوة، لم يتوقعه احد من الإسرائيليين باعتراف قيادات الجيش الإسرائيلي وكبار السياسيين والمعلقين العسكريين، والكثير الكثير من الفلسطينيين انفسهم، وكانت الحصيلة غير المتوقعة اختراق مئات الشباب للشريط الحدودي بسهولة وبالمقابل أكثر من عشرين شهيدا ومئات المصابين اصابات بعضهم خطيرة وخاصة اولئك الذين تظاهروا على سفوح بلدة مارون الراس على الحدود الشمالية لفلسطين.
للمرة الاولى حاول مئات الشباب الفلسطيني من الداخل، في الجليل والمثلث واللد والرملة والنقب، ان يصلوا الى الشريط الحدودي مقابل بلدة مارون الراس ليقولوا لأشقائهم اللاجئين في لبنان: نحن بانتظار عودتكم، وانه لا عودة عن حق العودة ولا سلام من دون عودتكم الى دياركم مهما طال الزمان، وقد طال كثيرا. لكن القوات الإسرائيلية المعززة بالشرطة والجيش والمجهزة بأحدث المعدات كانت منتشرة في كل مكان على بعد حوالي عشرة كيلومترات من الحدود ومنعت دخول أي حافلة محملة بالمتظاهرين او حتى سيارة خصوصية شكت ان ركابها ينوون التظاهر مقابل إخوانهم المتواجدين في مارون الراس، هذا بالإضافة الى اعلان الحدود الشمالية منطقة عسكرية مغلقة يمنع فيها حتى دخول الصحافيين إلا بإذن من الجيش وبرفقته.
رئيس الحكومة ب. نتانياهو طلب من الجيش، كما اعلن مكتبه، ان يتصرف بضبط النفس ولكن في الوقت نفسه طالبه ان يمنع كل محاولة لتخطي الشريط الحدود. واضاف، ان القضية  "ليست قضية حدود بل تدمير دولة اسرائيل". متهما ايران (!) بالوقوف وراء هذا التحرك الجماهيري.
وزير المالية المتطرف يوفال شطاينتس، الذي أرغم، في اليوم نفسه، على تحرير الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى اسرائيل، والتي تقدر ب 350 مليون دولار، اتهم النظام السوري بتوجيه المتظاهرين الفلسطينيين لقطع وعبور الشريط قصدا بهدف تسليط الضوء على اسرائيل  واغفال ما يقوم به الجيش السوري ضد المواطنين السوريين.
اما وزير الأمن ا. براك فيعترف بأن جيشه قتل عشرة لاجئين فلسطينيين عبروا الشريط على خط الهدنة مع سوريا، وان عشرة آخرين قتلوا على الحدود اللبنانية ولكن، بالرغم من اعتراف الجيش الإسرائيلي في ساعات ما بعد الظهر باطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين في مارون الراس الا ان براك عاد واتهم الجيش اللبناني باطلاق الرصاص على المتظاهرين وحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية سفك دماء المتظاهرين الفلسطينيين هناك. وفي السياق نفسه اكد براك في تلخيصه الأولي، ان الجيش "نجح في مهمته بالرغم من انه لم يكن جاهزا لذلك". واضاف، ان جيشه قد يضطر الى مواجهات اكثر تعقيدا في المستقبل. براك انتقد من يعتقد ان بإمكان الجيش وضع الاف الجنود في كل نقطة احتكاك وقال: مقابل سبعة الاف متظاهر يمتدون على مسافة طويلة على الشريط ويحاولون تفكيكه او اختراقه  كنا بحاجة الى اكثر من 7000 جندي وهذا غير ممكن.
ربما يكون هذا الكلام هو اهم ما اشار اليه براك بنظرة الى السيناريوهات المستقبلية المحتملة. ويمكننا ان نتخيل معه انتشار الاف او عشرات الاف المتظاهرين الفلسطينيين، وربما معهم الاف المتضامنين العرب والأجانب على طول الشريط الشمالي والشرقي وربما الجنوبي أيضا، في عشرات النقاط وليس نقطة واحدة من كل جهة، بالإضافة الى تجمعات مشابهة على عدد كبير من نقاط التماس بين الضفة الغربية واسرائيل او بالقرب من الحواجز داخل المناطق المحتلة عام 67، ويمكننا ان نتخيل ايضا ان يضاف الى كل هذا عشرات نقاط التظاهر داخل مناطق ال 48 ودون ان يحمل أي من المتظاهرين في أي من هذه الاماكن أي نوع من السلاح، فكيف سيتعامل الجيش الإسرائيلي مع هذه الحالة الخاصة؟ هل هذا ما يتخيله براك  ويقلقه عندما يتحدث عن "حالات اكثر تعقيدا" ؟ في الوقت نفسه أكد براك ان الجيش الى سيفحص كل ما حدث وسوف يستخلص العبر. بالمقابل، هل سيقوم الفلسطينيون ايضا بمراجعة كل ما حصل واستخلاص العبر؟.
                                                                      اليف صباغ
                                                                      15.5.2011


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق