السبت، 29 نوفمبر 2014

الجرائم الصهيونية ومثيلاتها

                 حرق بيت فلسطيني، بمن فيه، هي جريمة نازية

                                                                                      اليف صبّاغ
لماذا لا يواجَه إرهاب المستوطنين بإدانة دولية مناسبة؟ هل نحن مقصرون  بحق انفسنا؟ أم ماذا؟
بعد منتصف الليل من صباح اليوم اقدم مستوطنون اسرائيليون على اشعال النيران في بيت، بمن فيه من سكان، في خربة ابو فلاح قضاء رامالله، وفقط ، بسبب يقظة صاحبة البيت التي استفاقت، وهي تسمع اصوات الضرب على الباب ومن ثم تكسير الشبابيك وصب مواد حارقة الى داخل البيت وثم اشعالها، نجت هذه السيدة من الموت المؤكد في الفرن المصنوع صناعة اسرائيلية خالصة.
هذه ليست المرة الاولى التي يقوم بها قطعان المستوطنين الاسرائيليين، مدعومون من حكومة  وجيش الاحتلال، بعمليات حرق مشابهة وعمليات قتل ودهس اطفال ونساء واطلاق نار على المواطنين الفلسطينيين العُزّل، او حرق المزروعات او تقطيع اشجار الزيتون  وغير ذلك دون رقيب او حساب، لا من المحتل الاسرائيلي طبعا ولا من السلطة الفلسطينية صاحبة الحق والواجب في الدفاع عن مواطنيها. اضافة الى ذلك ، تحوّل اسرائيل، ووسائل اعلامها الرسمية وغير الرسمية، كل حادث طرق يشترك به فلسطيني ويكون ضحيته يهودي الى عملية دهس ارهابية، بينما يقوم المستوطنون بعمليات دهس مقصودة داخل القرى والمدن الفلسطينية، ويقتل فيها اطفال ابرياء وتتحول اوتوماتيكيا في نظر اسرائيل، واحيانا في وسائل الاعلام الفلسطينية ايضا، الى حادث طرق عادي، لا يتطلب حتى التحقيق فيمن فعل ذلك او تقديمه للمحاكمة. وفي الوقت الذي تصدر فيه حكومة اسرائيل توجيهاتها الى قوى المسلحة والمدنيين على حد سواء، بضرورة قتل اي فلسطيني يقوم بعملية مشابهة لما يقوم به المستوطنون او حتى بحادث طرق عادي، يسمونه عملية دهس مقصودة، تقوم السلطة الفلسطينية واذرعها المدنية والامنية بحماية اي مستوطن يقوم بعملية ارهابية ضد فلسطينيين، خشية ان ينتقم منه الضحايا، وتسليمه الى الجهة الاسرائيلية عبر حلقات الارتباط المدني او العسكري، لكي يتم تحريره بعد ذلك دون عقاب.
لكن الأنكى من هذا وذاك، هو كيف يتم عرض الحدث اعلاميا وسياسيا وكيف يتم استثماره في الصراع على الرأي العام الدولي او المحلي، في الاجابة على السؤال، من هو الارهابي؟ ومن هو المسؤول عن العمليات الارهابية ومن هو المعتدي وما هي الاسباب؟.
لسنا بحاجة للعودة الى سنين سبقت او اشهر عديدة سبقت، فيكفي ان نعود بضع ايام فقط الى الوراء لنلاحظ ما يلي: عندما يكون ضحية الحدث فلسطينيا، لا تتناوله الصحافة الاسرائيلية الا قليلا ، وتجد للفاعل كل المبررات لما قام به، فتربط الحدث بما قبله، او قبل قبله، او تنسب للفلسطينيين قصدا او ما الى ذلك ليتحول الارهابي اليهودي الى مسكين او تحويل القاتل الى ضحية، فالمستوطن الارهابي المتطرف يهودا غليك تحول في نظر الاعلام الاسرائيلي، الى حمامة سلام، يحب العرب بمن فيهم من حاول قتله!  وتناسى الاعلام، عن قصد، ما يقوم به هذا الارهابي من تجنيد للمستوطنين وقيادتهم لاقتحام باحة الحرم الشريف اسبوعيا.
 قد نفهم الاعلام الاسرائيلي المجنَّد بالكامل لنشر الرواية الصهيونية وان كانت مختلقة وبعيدة عن الحقائق الموضوعية، ولكن كيف يمكن ان نفهم قيام بعض وسائل الاعلام الفلسطينية بتبرير الأفعال الارهابية للمستوطنين من خلال ربط جرائمهم بما سبقها من عمليات فلسطينية؟ كيف يمكن ان تقول وسيلة اعلامية فلسطينية إن العمل الارهابي الذي قام به المستوطنون الليلة الفائتة بحرق بيت فلسطيني بمن فيه في قرية خربة ابو فلاح- قضاء رام الله، جاء "ردا" على عملية الكنيس قبل اسبوع؟ لا ادعي ان الوسيلة الاعلامية الفلسطينية تقصد تبرير جرائم المستوطنين ولكن النتيجة والاستنتاج الذي يبقى في ذهن القارئ يشير الى ذلك.
في مراجعة سريعة الى العمل الارهابي الذي قام به المستوطنون خلال الليلة المنصرمة، نجد ان عشرات المواقع الاعلامية الفلسطينية خاصة والعربية عامة نشرت الخبر، وفي غالبتها استخدمت النص نفسه والعنوان نفسه، ولكن لو تخيلنا ان الضحية في مثل هذا الحدث هو اسرائيلي، فأيّ حملة اعلامية يمكن ان تقوم بها اسرائيل؟ من نشر اخبار وروايات حقيقية ومتخيلة ومقابلات ببث مباشر وغير مباشر، باللغات المختلفة بهدف استدرار العطف العالمي والتضامن مع اسرائيل. وكم من تصريح ورسالة يمكن ان يوجهها رئيس الحكومة الاسرائيلية الى حكومات العالم والمؤسسات الدولية يطالبهم فيها برفع صوت التنديد والاستنكار ضد الفلسطينيين؟ واي اتهامات يمكن ان يكيلها الى رئيس السلطة الفلسطينية ورؤساء التنظيمات المختلفة؟ واي اجراءات يمكن ان يتخذها ضد كل من هو فلسطيني، وكأن اسرائيل هي الضحية الكبرى والمسكينة التي لا بد للعالم ان يحميها ويساعدها في محاربة الارهاب، يا حرام! 
هنا لا بد من السؤال، لماذا لم تَرقَ جريمة احراق بيت فلسطيني، بما فيه من سكان، في خربة ابو فلاح، الى مستوى عملية ارهابية وجريمة نازية تستحق الادانة الدولية؟ لماذا لم تتوجه وسائل الاعلام الفلسطينية الى كل من يدعي رغبته بالسلام في اسرائيل ليستنكر هذه العملية الارهابية كما تفعل وسائل الاعلام العبرية مع اعضاء الكنيست العرب ومع كل عربي لديه منصبا رسميا؟ ماذا فعل الناطقون الاعلاميون باسم "فتح" وباقي التنظيمات الفلسطينية لفضح السياسية الاسرائيلية المتمثلة بجرائم المستوطنين الارهابية؟ هل يكفي ان ننتظر طلبا من وسيلة اعلامية للتعليق على الحدث؟ ام ان علينا المبادرة للوصول الى العالم؟ وهل يكفي ان نصدر بيانا ونأمل ان يقوم احد المراسلين الاجانب بترجمته الى لغته؟ هل يكفي ان نتحدث مع انفسنا، لنقتنع اكثر واكثر ان اسرائيل لا تريد السلام؟ هل يجوز لنا، وبالذات للمسؤولين الفلسطينيين عن العلاقات الدولية ان يناموا هذه الليلة دون ان يهتموا بإصدار بيانات التنديد من كل القوى الدولية التي نددت بعملية الكنيس اليهودي قبل اسبوع؟ هل يجوز ان ينام المسؤولون الاعلاميون في السلطة قبل ان يجهزوا قائمة طويلة من جرائم المستوطنين في الاسبوع الاخير، على الأقل، والتي لم تحظ بما تستحق من ادانه دولية وتسليمها الى كل وسائل الاعلام المحلية والدولية والمؤسسات الدولية على حد سواء؟ هل يجوز لقوى الامن الفلسطينية ان تنام دون مراجعة الاحداث المتتالية والعمل على تأمين حياة المواطنين الفلسطينيين في وجه ارهاب المستوطنين المتصاعد كل يوم؟ اليس هذا هو الواجب الاساس لأي قوى أمنية في العالم؟ ام ان القوى الامنية الفلسطينية لها ربُّ آخر ودور آخر؟ اتمنى ان تكون الرسالة قد وصلت الى من يهمه الامر.
                                                ________________
اليف صباغ

الجليل- 23.11.14



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

قانون الدولة اليهودية

                                   دولة خارج السياق


عندما يتحدث المُشرِّع للقانون، في أي دولة، عن حقوق الفرد، التي يقدسها الغرب في العصر الحاضر، لا بد ان يضع ذلك في سياق دولته المدنية، وهي دولة كل مواطنيها بمجموعهم كأفراد، اما ان يتحدث عن حق جماعي (قومي او ديني او خليط بين الاثنين) لمجموعة بعينها، ويتعامل مع كل الآخرين بحقوق فردية، فهي اشد الوصفات عنصرية وظلما وبعدا عن حقوق الفرد التي يقدسها الغرب. وفي حين تتطور الدول الديموقراطية من طابعها القومي الى طابعها المدني، تصر اسرائيل ان تعود الى عصر الدول الدينية التي غابت قبل قرون. من هنا فهي دولة خارج السياق التاريخي.

يُناقَشُ قانون هوية دولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي اليوم، ويُطرح للتصويت في ظل صراع بين اليمين واليمن الاكثر تطرفا، نتانياهو وبينيت، على السلطة. وكل منهما يريد ان يثبت للجمهور الصهيوني-المتدين،  المتطرف انه الزعيم الأقوى.

لماذا يقف وزراء يائير لبيد (يش عتيد) وتقف تسيبي ليفني (هتنوعاة)، وهم أعضاء في الحكومة، ضد القانون؟ ولماذا تعارضه أحزاب العمل وميرتس ايضا؟ لا شك ان الصراعات السياسية اي الحزبية واستفادة نتانياهو الحزبية من القانون تلعب دورا في ذلك، ولكن الأهم، في نظري، عدة اسباب أخرى:
 اولا ، ان تعريف الدولة في القانون الاساس كدولة يهودية دون تحديد مفهوم ومضمون كلمة "اليهودية" يجعل القوى العلمانية او اللبرالية اليهودية في اسرائيل والعالم تخشى من اضفاء القيم الدينية لمعنى اليهودية، وبالتالي يُترجَم ذلك وينعكس على مجمل القوانين الاجتماعية في الدولة فيحد من الحريات الاجتماعية والسياسية. والدليل على ذلك ان النقاش لتحديد مفهوم "يهودية" الدولة لم ينته بعد، وقد احتد النقاش في بداية التسعينيات من القرن الماضي وما يزال يحتد كلما طرح الموضوع للنقاش، ويأتي مشروع القانون الحالي، كقانون أساس، في ظل موازين قوى سياسية مختلفة ولصالح اليمين الصهيوني المتدين، لينتصر به هذا التيار على التيار الصهيوني الللبرالي.
ثانيا، ان هناك تيارا تاريخيا في الحركة الصهيونية ( وهو التيار اللبرالي) يرى بأنه لا يجوز لدولة اسرائيل ان تغلق ابوابها لمن يريد ان يكون صهيونيا او يهوديا او اسرائيليا. اي انه لا بد ان تستوعب مهاجرين جدد، وان لم يكونوا يهودا حسب الشرع اليهودي، بل ان المهم ما هي ايديولوجيتهم ومدى خدمتهم للمشروع الصهيوني في فلسطين. هذا التيار يطالب باستيعاب عمال أجانب واعطائهم المواطنة او الإقامة في اسرائيل كما عمل ويعمل على استيعاب حوالي 350 ألف مهاجر روسي وهم ليسوا يهودا.
والسبب الثالث، ان مثل هذا القانون يغلق الباب نهائيا امام اي مساومة في موضوع عودة، ولو جزء من اللاجئين الفلسطينيين، في اطار تسوية تاريخية مستقبلية، الامر الذي وافقت عليه مبدئيا حكومات اسرائيلية سابقة، مثل حكومة رابين وحكومة اولمرت.
هذا كله، اضافة الى خشية هؤلاء من اضعاف الموقف الاسرائيلي الدولي، أمام انظمة ودول تعتبر ان الدولة يفترض ان تخدم كل مواطنيها بدون تمييز، مما يصعب على اسرائيل كسب تأييد هذه الدول في صراعها مع العرب عامة والفلسطينيين بشكل خاص.


على الصعيد الداخلي، فإن اخطر ما في هذا القانون هو كونه قانون أساس ( في ظل غياب الدستور لغاية الان) وهو، كما يُفهم، مُعد ليكون الفصل الأول في الدستور الاسرائيلي، حين تتم صياغته. وبالتالي فهو قانون جاء ليغلق الباب امام اشتقاق اي قانون جديد يبنى على مبادئ قانون أساس آخر، حرية الانسان وكرامته الذي سُن عام 1992. بالرغم من ان قانون حرية الانسان وكرامته يعرف الدولة على انها "يهودية وديموقراطية" وكان قد فتح الباب، ولو جزئيا، نحو سن قوانين تعزز الديموقراطية وتحترم كرامة الانسان المواطن على اختلاف انتماءاته، الا ان بيبي نتانياهو كان صريحا برغبته في اضعافه عندما قال: انه مثلما سن قانون حرية الانسان وكرامته من الطبيعي ان يسن هذا قانون دولة اليهود، في اشارة واضحة ان الهدف هو قتل القانون السابق من خلال استبدال اهدافه والقيم التي بني عليها. لم يتردد نفتالي بينيت ان يشير الى ذلك ايضا بقوله: "هذا القانون سيخلص سكان جنوب تل ابيب من المتسللين، وفي المرة القادمة ستضطر محكمة العدل العليا ان تأخذ بعين الاعتبار وجود قانون البيت القومي للشعب اليهودي وليس فقط قانون حرية الانسان وكرامته". اما وزير الاسكان، اوري اريئل ، زميل بينيت، فقال: " ان هذا القانون هو خطوة في الاتجاه الصحيح"، وهذا يعني ان هناك خطوات ستلحق به، اي قوانين اخرى واجراءات سيتم اشتقاقها منه، وأضاف، "ان الحاجة لهذا القانون ملحة جدًّا لان اسرائيل تشهد في السنوات الاخيرة انتقاصا من هويتها اليهودية، وعليه يأتي القانون ليمنع امكانية تحويل اسرائيل الى دولة كل مواطنيها".

قد لا يبدو هذا القانون في اعين البعض خطيرا، معللين ذلك ان "اسرائيل في ممارستها وفي وثيقة "استقلالها" هي دولة يهودية وعنصرية، هكذا كانت وهكذا ستبقى، فما الجديد؟ المهم ان لا نوافق عليه وفقط" ، كما يقول أيمن عودة، سكرتير الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وعضو الكنيست القادم. وفي تقديري ان هذا الموقف هو سطحي ومستسلم، باٌسم الواقعية السياسية. ذلك لأن المتمعن في القانون لا يرتبك بتصور ما سيترتب عليه من سن قوانين عنصرية، ومن اتخاذ اجراءات عنصرية ايضا، تجعل كل مواطن غير يهودي يجد نفسه خارج سياق المواطنة، ومن هذه البوادر الواضحة في القانون ان "الدولة ستشجع البناء لليهود فقط ولن تكون ملتزمة بتوفير البناء لغير اليهود"، وهذا يعني ان غير اليهود هم خارج السياق المواطني. ومن يدري؟ كيف سيترجم هذا القانون في الواقع وهو يلغي اللغة العربية كلغة رسمية في اسرائيل؟ هل سيلغى التعليم في المدارس باللغة العربية؟ هل سيلغى حق المواطن العربي من التحدث بالمحاكم او في اي مؤسسة رسمية باللغة العربية؟ هل سيُسمح للمواطنين العرب إقامة مؤسسات مثل لجنة المتابعة العربية على أساس قومي؟ ام ان ذلك سيصبح عملا مخالفا لقانون الاساس، الدولة اليهودية؟ وعليه يتساءل المعارضون، كيف يمكن ان سيضمن هذا القانون الحرية والمساواة لكل المواطنين؟  وكيف يمكن ان تحافظ اسرائيل على طابعها وجوهرها الديموقراطي؟ من هنا يقول النائب السابق صالح طريف: "ان هذا القانون يطلق رصاصة الرحمة على امكانية دمج المواطنين غير اليهود، بما في ذلك من يخدمون في الجيش، في حياة الدولة". من هنا يُخشى ان يكون الاستسلام للأمر الواقع هو شكل من اشكال الاعتراف غير المباشر بالدولة اليهودية، كما يعرفها بيبي نتانياهو، ومقدمة لقبول م.ت.ف وباقي العرب بذلك ايضا. ألا يعرّف العرب دولهم بانها دول إسلامية؟ وهل سيتردد بيبي نتانياهو عن تذكيرهم بذلك؟ ويُخشى ايضا ان يكون الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي، بالاضافة الى الاعتراف "بحق اسرائيل" في الوجود، يعني اعترافا بالرواية الاسطورية للحركة الصهيونية، متخطين بذلك كل الحقائق التاريخية، والحقيقة المُغيَّبة القائلة، بأن يهود العالم الحالي ليسوا أحفادا ليهود مملكة اسرائيل ويهودا، بل هم من احفاد الخزر في القفقاز (اشكناز) ومن احفاد البرابرة في شمال افريقيا ومن احفاد العرب اليمنيين، ثلاثة عروق مختلفة، كما يقول بروفيسور شلومو زاند، ليس لهم اي علاقة اثنية باليهود الذين استوطنوا ارض كنعان في التاريخ القديم.
                                                           
                                                _______________________

اليف صباغ
البقيعة 24.11.14




حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

أنا أرشح السيّد محمد ميعاري!


مبادرة شعبية لترشيح رئيس للجنة المتابعة
                    أنا أرشح السيّد محمد ميعاري!
منذ اشهر نشهد نقاشات وانتقادات فيما يخص انتخاب رئيس جديد للجنة المتابعة العليا. وربما منذ  سنوات ونحن نوجه انتقادات لاذعة لأداء لجنة المتابعة عامة ورئيسها خاصة، لدرجة انني لو كنت مكان السيد محمد زيدان لما بقيت في هذا الموقع اسبوعا اضافيا واحدا.
يبدو لي وربما لكم ان المسألة الاولى مرتبطة بالثانية، وما فشل لجنة المتابعة بانتخاب رئيس لها لغاية الآن، رغم مرور اكثر من نصف سنة على استقالة رئيسها، الا دليل فشل لهذه اللجنة قبل فشل رئيسها. ومن شهد عن قرب كيف تسير الاجتماعات وكم تأخذ المناكفات والحساسيات الحزبية والشخصية من مضمونها لا بد ان يفكر بالابتعاد او الانكفاء عنها.
ترددت كثيرا، هل اكتب؟ هل أبادر؟ قلت في نفسي، كما يقول الكثيرون: ما لي ولهذا التعب المترتب على كل مبادرة؟ ولكن في نهاية الأمر، المسؤولية تفرض نفسها، فمسؤولية كل مثقف وطني تلزمه بعدم الخضوع لليأس والقنوط باسم الواقعية، بل تفرض عليه العمل لتغيير هذا الواقع المأزوم، وإلا فقد صفة المثقف وصفة الوطني ايضا.
من اسباب هذا الفشل، في رأيي، هو غياب البرنامج الوطني العام اولا، وان غالبية مركبات لجنة المتابعة، وليس جميعهم، يرون مصالح احزابهم وحركاتهم أهم وأعلى من مصلحة جماهيرنا عامة، ومن لجنة المتابعة نفسها، ويغلب تعصبهم الفئوي على نقاشاتهم في كل اجتماع من اجتماعاتها، كل يشد الرئيس الى موقفه دون أي اهتمام بضرورة وجود برنامج وطني مشترك فوق برامج الاحزاب، والذي يُفتَرض ان يشكل القاسم المشترك الاعلى الذي يجمع بين الاحزاب. اما  مصالح رؤساء السلطات المحلية، وعلاقاتهم بالسلطات الحكومية ومصالحهم الضيقة، فنجدها، للأسف، تفرض نفسها على الطاولة،  ومن ثم على لجنة المتابعة ان تخضع لها، وعليه قد تُتّخذ قرارات شكلية هي اشبه بتصريحات غير قابلة للتنفيذ بسبب غياب اليات العمل.
في هذه الظروف التي تغلب فيها الفرقة والخلاف على المشترك وتضيع البوصلة الوطنية بين ركام التعصب الفئوي، لا يستطيع أي من المرشحين الحاليين الحصول على ثلثي اعضاء لجنة المتابعة، وان حدث ذلك نتيجة لصفقة سياسية او ما اشبه، فذلك يعني استمرارا للازمة وتكريسا للإقصاء والشلل الذي لا يخدم قضيتنا الوطنية، من هنا لا بد من رئيس قادر على القيادة بروح وبوصلة وطنية، ويمكن تلخيص صفاته بما يلي:
1. شخصية وطنية ذات مصداقية لا تشوبها علاقات سابقة او حالية مع احزاب صهيونية.
2. شخصية قيادية قادرة، لا يخشى اي من مركبات المتابعة، لا يسترضي ولا يبحث عن منصب مستقبلي في حزب ما.
4. صاحب توجه وطني - وحدوي وتقدمي، يضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الفئوية الضيقة، لا يستثني الشباب كما لا يستثني المرأة من أي نشاط جماهيري او تمثيلي.
5. يلتزم بإنشاء أطر مهنية، اضافة الى ما هو موجود من جمعيات متخصصة، تشارك فيها شخصيات مهنية وقادرة،  تشكل النواة الصلبة للحفاظ على الطابع الوطني التقدمي والوحدوي للجنة المتابعة، هذه النواة لا بد تشكل المادة اللاصقة فيما بين الاحزاب، لا تسمح بالتشرذم او تغليب التعصب الفئوي على الوطني، وقادرة ان  تجنّد حولها قاعدة شعبية فوق حزبية وفوق فئوية، مع احترامي لدور الاحزاب والحركات السياسية.
اذا ما اتفقنا على هذه المبادئ سنجد من بيننا عشرات الشخصيات المناسبة لقيادة لجنة متابعة فاعلة وليس لجنة مشلولة وفاشلة. وبما انني لا استطيع ان أرشح العشرات،  أعلن هنا عن ترشيح السيد محمد ميعاري لهذه المهمة الوطنية. واعتقد انه لا يختلف اثنان أن ميعاري هو محام له تاريح طويل في الدفاع عن الارض، ومن مؤسسي لجنة المفاع عن الاراضي، قضى حياته في الصف الوطني، دون ان يتعصب لحزب او او يعادي فئة، وهو شخصية تقدمية وقادرة على القيادة في ظروف مأزومة كالتي نعيش فيها. مستقل في رأيه ، لا يتبع شخصا او فئة ولا يخضع لاٌبتزازات.
                                                            ________________

اليف صباغ - البقيعة 29.11.14  



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

السبت، 22 نوفمبر 2014

نص المداخلة الهاتفية في المؤتمر الصحفي الكبير الذي عقدته حركة النهضة للشباب العربي الارثوذكسي في الاردن، نصرة للقضية الوطنية الارثوكسية.

نص المداخلة الهاتفية في المؤتمر الصحفي الكبير الذي عقدته حركة النهضة للشباب العربي الارثوذكسي في الاردن، نصرة للقضية الوطنية الارثوكسية.

ايها الاخوة والاخوات جميعا ،
المجتمعون الآن في الجمعية الأُرثوذكسية  - عمان
أحيّيكم فردا فردا ،  كبيرا وصغيرا ، رجالا ونساء، رجال دين، وراهبات، مع حفظ الالقاب وجزيل الاحترام.
ايها المناضلون والمناضلات لهدف نيل الحرية والانعتاق...
ايها المدافعون عن كنيستكم المسلوبة منذ خمسة قرون ونيّف، وهي كنيستنا العربية الارثوكسية في فلسطين والاردن.
أيها الشباب والشابات الذين تقفون منذ شهور وقفة جسم واحد، ثابتين على مطالبكم، مؤكدين على اصراركم لنيل حقوقكم المسلوبة، رغم كل محاولات الطعن في الظهر، ورغم المؤامرات التي تحاك ضدكم ليل نهار ومن جهات مختلفة!
أُحيّيكم من هنا، من ارض فلسطين، ارض السيد المسيح عليه السلام، وأمه العذراء سيدة نساء الارض على مدى التاريخ.
أُحيّيكم و  "أشد على اياديكم ..
            أبوس الارض تحت نعالكم وأقول أفديكم.."

ايها الاخوة ةالاخوات !
يبدو أننا في مرحلة تاريخية مفصلية.... فإما ان نكون او لا نكون ....
إننا في مرحلة التحديات التاريخية الكبرى... فطوبى للذين قبلوا التحدي وهم يسجلون في نضالهم هذا صفحات شريفة من التاريخ الحديث لنصرة القضية الوطنية الارثوذكسية الحقة. وبئس الذين يتخاذلون او ينافقون ويصفقون  للمستعمر الاجنبي.... فهذا وطننا الذي لا وطن لنا سواه وهذه كنيستنا التي لا كنيسة لنا سواها... فطوبى للذين استعدوا ان يحملوا صليب الآلام كما حمله يسوع، وما حُمل الصليب وعُلق عليه يسوع إلا ليمحو خطايا من خانوا الأمانة.. ولكن ، فما بعد الآلام الا القيامة.. فالقيامة الارثوذكسية قادمة لا محالة وهي تدق الابواب بقوة فقوموا وافتحوا لها الطريق...
التحديات كبيرة وكثيرة... وفي السنتين الاخيرتين اضاف اليها المحتل الاسرائيلي، محاولة بائسة لتجنيد شبابنا المسيحي عامة والارثوذكسي خاصة، في جيش الاحتلال لمحاربة ابناء شعبنا الفلسطيني الذي يناضل منذ مائة عام وأكثر لنيل حريته واستقلاله وسيادته في أرض وطنه. ومن المؤسف والمُغضب أيضا ان يكون أحد رجال الدين الارثوذكس هو عراب هذا المشروع البائس، ويرعاه في ذلك رئيسه الروحي البطريرك ثيوفيلوس.... ولكن عليكم ايها الاخوة والأخوات ان تطمئنوا، بان هذا المشروع فشل لغاية الآن، وسيتضح فشله أكثر وأكثر ... ولن يكون الا منصة صاخبة لبعض المنافقين المنتفعين ليصيحوا ليل نهار على مزبلة الاستعمار.
صحيح ان الوضع العربي عامة لا يبشر خيرا، وصحيح ان القوى التقدمية والنيرة والمعادية للاستعمار، وعلى رأسهم المسيحيون العرب، تتعرض لهجمة دموية استعمارية وصهيونية بالتحالف مع الرجعية العربية، وهم يحسبون ان باستطاعتهم إطفاء نور الشمس والعودة الى بحر الظلمات.... ولكن... هيهات!!  هيهات !!
انهم يستغلون هذا الوضع العربي السيء لينقضوا على الشباب العربي المسيحي في بلادنا، في محاولة لنزعه من ذاته العربية ومن هويته الفلسطينية، وهم يعلمون جيدا ان الارثوذكس العرب كانوا المحرك الأساس للنهضة القومية العربية في نهاية القن التاسع عشر، ويعتقدون واهمين ان الجرائم التي يقوم بها عربانُهم يمكن ان تُبعدنا عن عروبتنا، التي هي هويتنا الأساس. ولكننا، على طريق اجدادنا ماضون،  عروبيون عروبيون، ولا نحتاج الى شهادة من أحد ولن نقبل عن عروبتنا وهويتنا الفلسطينية بديلا مهما كانت الظروف أو تكالب المتكالبون.
 في ظل هذه التحديات وغيرها... نحن في أمسّ الحاجة الى تثبيت ابنائنا في هذا الشرق الحبيب وخاصة في فلسطين الجريحة. فماذا فعل ثيوفيلوس لمنع هجرة ابناء الكنيسة الارثوذكسية؟ الجواب: لا شيء.. ويا ريت بس هيك، بل فعل كل شيء لإضعاف الوجود المسيحي الارثوذكسي في فلسطين عامة، والاردن ايضا، من خلال بيع الأوقاف الى اعدائنا، الى من يعمل ليل نهار لتصفية وجودنا في وطننا. أما المؤسف والمحزن، هو ان يكون بعض المنافقين والمنتفعين، أوالحاقدين على طرف آخر من ابناء كنيستهم في القرية او المدينة ، هم الذين  يساعدون هذا المستعمر اليوناني، وهم الذين يقومون يتنظيف ما يبقي وراءه من أوساخ.  انهم كالعبيد الرخصاء.. فهل هذا ما يبقونه لأولادهم وأحفادهم من سيرة وميراث؟ 
لا ، لن يقبل الشباب الارثوذكسي لهذه المهزلة ان  تستمر بعد اليوم، فقد استمرت ما يقارب 500 عام.. وكفى ! كفى!!!!   لقد حان الوقت لننهض سويا، فالقيامة الارثوذكسية تدق الابواب، فيا ايها النائمون انهضوا، ان الحياة لا تحب النائمين!  لقد صدق شاعرنا حين قال:
       شبابٌ قُنعٌ لا خير فيهم   وبورك في الشباب الطامحين.
وهل من طموح اكبر وأرفع من تحقيق الحرية والإنعتاق من الاستعمار؟
ايها الشباب والشابات!
لا يمكن ان تكون مسيحيا حقا دون ان تحمل صليب الآلام الذي حملة يسوع المسيح. لا يمكن ان تكون مسيحيا دون ان تدافع عن أرض ووطن السيد المسيح، التي ولد وفيها، ودُفن وقام،  وكل ذرة من ترابها تطهرت برجليه المقدستين.
لا يمكن ان تكون ارثوذكسيا دون ان تكون وطنيا، ولا يمكن ان تكون ارثوذكسيا دون ان تكون صادقا، ولا صادقا دون ان تكون مستقيما، وما الارثوذكسية إلا الاستقامة في الرأي. فكيف يكون كل هذا، او لا يكون، اذا كنت فلسطينيا او أردنيا، ونحن شعب واحد لا شعبان.
أيها الاخوة والاخوات!
اسألوا اولئك المصفقين للمستعمر اليوناني، لثيوفيلوس بالذات، كيف تستقيم عقيدتكم الارثوذكسية مع هذا النفاق؟ كيف يمكن ان تصفقوا لثيوفيلوس وهو الذي باع للمستعمر الاسرائيلي أرض تلة المطار بجانب دير مع الياس، وسمح بقطع التواصل بين أهم مدينين للديانة المسيحية،  اي بيت لحم والقدس؟ لا تسمحوا لأحد ان يضللكم بالبيانات الكاذبة التي يصدرها الناطق، او الناتق، باٌسم ثيوفيلوس. لا تصدقوا كلمة واحدة مما يقولون لكم، فقد اعتادوا على اصدار البيانات المُضلِّلة ووجدوا منافقين يجترّون ما يُقال لهم ولو كذبا.
اسألوهم، كيف يمكن ان يصفقوا لثيوفيلوس وهو الذي مدّد اتفاقيات ضخمة قبل موعدها، مع المؤسسات الصهيونية بمبلغ 23 مليون دولار في حين انها تساوي حوالي مليارد دولار. وأقصد اراضي الطالبية ورحافيا والمصلبة وغيرهم.....  ولولا هذه الصفقات التي وقع عليها البطاركة اليونانيون السابقون، ومدد مفعولها ثيوفيلوس الثالث، لما استطاعت اسرائيل ان تبني عاصمتها في القدس الغربية، ولَمَا استطاعت ان تبني الجامعة العبرية والكنيست ومكتب رئيس الدولة ومكاتب الحكومة، وبيت رئيس الحكومة والكنيس الأكبر وبيت الراف الأكبر لإسرائيل، والمحكمة العليا والبنك المركزي  وألف مؤسسة أخرى. هذا عدا ما فرطوا به داخل البلدة القديمة لصالح الجمعيات الاستيطانية. كل ذلك فعلوه لإرضاء الحركة الصهيونية ولتعزيز تحالفهم الدّنِس ضد الرعية العربية الفلسطينية.
لا يمكن ان يتبرأ المنافقون من المسؤولية عن هذه الصفقات، فالساكت عن الجريمة شريك بها. لا يمكن ان تتبرأ الحكومة اليونانية من هذه الصفقات أيضا، فكل صفقة تمت بين البطريكية اليونانية والمؤسسات الصهيونية كانت بفعل سمسرة ومباركة يونانية رسمية. لا أحد يستطيع ان يمحو توقيع القنصل اليوناني العام في القدس على صفقة رحافيا عام 1951 الى جانب البطريرك تيموثاوس، بطلب من الكيرن كاييمت. لا احد يستطيع ان يُنكر ان كل ازمة اقتصادية مفتعلة واجهتها البطريركية اليونانية كانت وزارة الخارجية اليونانية تبعث بمستشار اقتصادي الى البطريرك، فيتحول هذا المستشار بين ليلة وضحاها الى سمسار أراضي وعرّاب صفقة قذرة، تستولي بموجبها الحركة الصهيونية على اراض جديدة من أوقافنا. هذه الاوقاف التي لم يجلبها اليونانيون معهم من البحر المتوسط،  بل هي ما ابقاها اجدادنا العرب لكنيستنا ورعيتها.
ايها الاخوة والاخوات،...
كنت اتمنى ان تكون قضية الاوقاف هي القضية الوحيدة التي تفصل بيننا وبينهم، ولكنها في الواقع ليست الوحيدة...وقد لخص قدس الاب خريستوفوروس عطالله مطالب الرهبان العرب في سبع نقاط، وهي مطالب الرعية العربية الارثوذكسية في فلسطين والاردن عامة. فنحن نقف بالكامل مع هذه المطالب،  وأهمها في رأيي هو انه "لا يجوز الاستمرار بإقصاء العنصر العربي الوطني عن كنيسته من خلال عدم قبول عضويته في أخوية القبر المقدس، وعدم سيامة مطارنة وإدخالهم أعضاء في المجمع المقدس، بل يجب تفعيل دورهم في إدارة شؤون كنيستهم، وعدم السكوت على تهميشهم أوالإستخفاف بهم أو إلغاء دورهم. ولا نستطيع الاستمرار بالسكوت على تهجير أبناء الوطن من الاكليروس العربي الذين تم احتضانهم من قبل كنائس أرثوذكسية أخرى بدلاً من كنيستهم الأم، والتي عليها مسؤولية ضمان الحفاظ على وجودهم المكرّم بكنيستهم وإستغلال طاقاتهم في العطاء وخدمة أبناء وطنهم، وهذا يخص أيضاً الكهنة المتزوجين الذي من واجب الرئاسة الروحية رعايتهم بالشكل الصحيح روحياً ومعيشياً".
نعم، نقف اليوم على حافة لا نستطيع فيها الرجوع الى الوراء، فإما أن نكون او لن نكون.. فالمخاطر كثيرة والتحديات كبيرة، والرياح العاتية او الامواج الصاخبة تلطم سفينتنا من كل إتجاه، ولكن ربان السفينة حكماء وشجعان في الوقت ذاته، فلن تنفع الحكمة دون الشجاعة والإقدام، كما لا تنفع الشجاعة دون حكمة مماثلة، وتلتحم الحكمة مع الشجاعة بالإيمان الراسخ اننا على حق، ومن كان على حق لا يضعف ايمانه بحتمية الانتصار..
لقد فعل اجدادنا ما استطاعوا للتحرر من نير الاستعمار اليوناني، كما قاموا بما يتطلب منهم ، واكثر، للتحرر من نير الاستعمار والتخلف العثماني، ومن نير الاستعمار البريطاني الذي لحق به، ونحن نعمل ايضا على الطريق ذاتها للتحرر من نير الاستعمار اليوناني والصهيوني على حد سواء..
فلا تدعوا القنوط واليأس يغزو قلوبكم... فلا يأس مع الحياة.....انما القيامة هي هي الحياة.

تحياتي وتمنياتي لكم بالتوفيق
فنحن وإياكم على موعد قريب مع قيامة ارثوذكسية حقة.

اليف صباغ- الجليل/ فلسطين
22.11.2014





حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

الجمعة، 14 نوفمبر 2014

بالله شو؟ شو عدا مما بدا؟

                  بالله شو؟  شو عدا مما بدا؟

ما تزال قضية تكريم الدكتور عومي بشارة وامير قطر في ملعب سخنين تردد اصداءها في الأروقة السياسية الاسرائيلية والحكومية منها بشكل خاص. وكان بشارة قد تواسط لدى امير قطر لتقديم هبة لفريق اتحاد ابناء سخنين من الدرجة العليا تقدر بمليون دولار، ومنهم من يقول مليوني دولار، مع العلم ان وسائل الاعلام نشرت سابقا ان فريق اخاء الناصرة تلقى هبة مشابهة خلال الزيارة التي قام بها ممثلو الفريقين العربيين الى الدوحة قبل عدة اشهر. ويذكر ان فريق اتحاد ابناء سخنين بنى ملعبه الكبير على حساب قطر، بل اخذ الملعب اسم "الدوحة" تكريما للأمير الأب، ولو نظرنا الى اللوحات المعلقة على المؤسسات العامة في اسرائيل ابتداءً بالمستشفيات وانتهاء بروضات الاطفال، نجد ان هذا سلوك لا يخفى على الاسرائيليين بل هم اكثر من ينتهجه في الحياة العامة. اذن، اين المشكلة؟ ولماذا هذا الهجوم المنفلت؟ هل هو بسبب التكريم؟ تكريم الامير او تكريم عزمي بشارة؟ ام بسبب تلقي الدعم المالي؟ ولماذا دعم السعودية للحركة الاسلامية في الداخل مسموح ودعم قطر غير مسموح؟ ولماذا دعم فريق إخاء الناصرة يمر بدون اعتراض اما دعم فريق اتحاد ابناء سخنين ممنوع؟ على قول المثل: "فصّ ميخايل ما بيسايل وفصّ حنّة إلُو  رنة ؟". ليش يعني؟
اختلف مع سياسة وممارسة عزمي بشارة، من هنا وحتى قطر، ولا اخفي موقفي هذا ولا اتساهل ولا اغفر له ولا لأميره الصغير او الكبير مساهمتهم فيما حدث ويحدث من فظائع في سوريا الحبيبة، ولكني لا اقبل ان تتحول المواقف الكبرى الى مواقف شخصية صغرى وتافهة، من صراع سياسي جوهري الى مناكفات سياسية او شخصية تافهة. من هنا لا بد ان نتطرق الى حقيقة الضجة ولا ننسى حقيقة التكريم ايضا.
لو قفزنا فوق كل الاسئلة السابق ذكرها وتعاملنا مع موضوع التكريم وحده، فمن ناحية قانونية، يقول الاتحاد العام لكرة القدم، انه لا يسمح بمشاركة شخصيات سياسية في اي نشاط على ارض الملعب، "لكي تبقى الرياضة للجميع وخارج الصراعات السياسية"، حلو. ومرة اخرى يقولون انه "خائن" للدولة ، و"متهم بالتجسس" لصالح حزب الله،  وعليه، يقول العالمون بالقانون، ان فريق اتحاد ابناء سخنين لم يخالف القانون، لأن عزمي بشارة لم تُدنه المحاكم الاسرائيلية، حتى انه لم تقدم ضده لائحة اتهام، والمتهم بريء حتى تثبت ادانته، اضافة اليه، عزمي بشارة لم يعد، قانونيا على الاقل، شخصية سياسية في اسرائيل، فهو لم يعد عضو كنيست وقد سحبت كل امتيازاته كعضو كنيست سابق، ولا عضوا في حزب التجمع ايضا، حتى وان كان هو "الآمر الناهي" فعليا، وهو "الزعيم الملهم" لغاية الآن. اضافة الى ذلك، فهو لم يشارك في اي نشاط على ارض الملعب، وان تكريمه لا يختلف عن تكريم غايدماك قبل عدة سنوات، كما يقول الدكتور زحالقة، بل ان غايدماك كان حاضرا بشخصه عند تكريمه، فهل يختلف قانون الاتحاد العام عن قوانين الدولة  أم انه خاضع لها؟. الأمر الثاني، الذي لا بد من ذكره هنا، كيف يسمح لكل قيادة الليكود ان تشارك في احتفالات فريق "بيتار القدس" وتتفاخر بانتمائها التاريخي ودعمها للفريق دون ان يعتبر ذلك مخالفا لقوانين الاتحاد العام لكرة القدم؟ وكيف يُسمح لزعران واعضاء "بيتار القدس" ان يهتفوا "الموت للعرب" وان يفلتوا من كل عقاب وفق قوانين الاتحاد العام لكرة القدم؟  ولماذا ألزمَ الاتحاد العام فريق أبناء سخنين على رفع العلم الاسرائيلي عندما استلم كأس الدولة رغم ان ذلك يشكل في نظر الفلسطينيين هنا ابشع اشكال التدخل السياسي الصهيوني في الحياة الرياضية العربية؟
لا اشك ، ولو للحظة، ان التجمع اراد الاستفادة من الهبة القطرية لتسجيل نقاط سياسية حزبية، في رسالة واضحة الى الفلسطينيين هنا بان من يريد مالا من قطر، وهي تعطي، فعنوانه "التجمع" ، وهذا ما مارسته وتمارسه الاحزاب الاخرى صغيرة وكبيرة، عربية ويهودية، وكذلك من خلال توزيع المنح الدراسية على طلاب الجامعات هنا او في الاردن او في روسيا، فهل هذا ممنوع ايضا؟ ليعلمَ المناكفون ان السابقة قد تكون أخطر من الحدث نفسه فاحذروا يا عرب!!! ولا اشك للحظة ان فلسطين الجريحة ما تزال تشكل الضمير الحي للامة العربية، وعليه فكل النعاج الخليجية وغير الخليجية، بكل سلوكياتها في الماضي والحاضر، وبما ارتكبت من جرائم بحق سوريا، تجد نفسها ملزمة بتقديم الهبات المادية لهذا الضمير الحي طلبا للاستغفار ومحاولة لمحو العار عن كل فعل وجريمة شائنة، ولكن هيهات! هيهات!، فلا اهالي سخنين ولا اهلنا في فلسطين وسوريا يمكن ان يغفروا مهما تراكمت الملايين.
واذا كان الاتحاد العام لا يسمح بالتدخل السياسي في الرياضة ، فلماذا أقام الدنيا بعد ان تدخل ليبرمان والوزيرة البيتارية  لفنات وباقي النبّاحين، مطالبين الاتحاد بإنزال اقصى العقوبات بفريق اتحاد ابناء سخنين، بل تقترح الوزيرة لفنات اقتراحات عينية تتمثل "بإبعاد الفريق عن عدة لُعب حتى يتسبب ذلك بسقوطه من الدرجة العليا، وتضيف، بغير ذلك نكون قد فشلنا". إذن هذا هو الهدف. وهذا المطلب هو تجسيد للحقد العنصري المتراكم على فريق عربي قهر البيتاريين في ملعبهم العنصري.
سأقفز مرة اخرى عن، المناكفات السياسية والشخصية، التي طغت في مناقشة هذا الموضوع، الى الاسئلة السياسية الحقة التي تحتاج الى معالجة فعلا. قد تأتيك الفرصة الى باب بيتك فتبعدها خوفا من مواجهة تبدو لك صعبة، ولكن السياسي القادر هو من ينتهز فرصة سانحة ليتحول من متهَم (بفتح الهاء) الى متهِم (بكسر الهاء). فلو تقدم الاتحاد العام لكرة القدم بدعوى قضائية لمحاسبة الفريق السخنيني ونجح في انزال العقوبات به، كما تريد الوزيرة لفنات، ستكون لنا فرصة ذهبية للتوجه الى المحكمة العليا وفتح ملفات عديدة لا بد من تسليط الضوء عليها. فاذا كانت قطر تدعم الارهاب واموالها "دنسة"، لا بد السؤال، من يدفع ثمن معالجة ارهابيي "جبهة النصرة" واخواتها في المستشفيات الاسرائيلية؟ كم من الاموال القطرية، بمباركة عزمي بشارة طبعا، تدخل هذه المستشفيات وبمعرفة وزارة الصحة وكل الأجهزة الامنية؟ ولماذا ما تزال العلاقات الاقتصادية قائمة مع قطر، ومن خلالها مع دول عربية أخرى؟ ولماذا ما يزال الاسرائيليون، حتى خلال العدوان على غزة، يزورون قطر بجواز سفر اسرائيلي؟ ولماذا ما يزال القطريون يسرحون ويمرحون في حيفا وتل ابيب، بل مرحب بهم؟  وهل الاموال القطرية التي توظف في البنوك الاسرائيلية طاهرة بينما ما يُقدم علنا الى ابناء سخنين دنسٌ؟
اضف الى ذلك، اذا كانت الاموال القطرية "دنسة"، فكيف مرت هذه المنحة، رسميا، عبر البنك المركزي في اسرائيل؟ ولماذا يقتطع منها حصة؟ وكم هي الحصة؟ ومن هم الاشخاص او الهيئات الاخرى القابضة في محطات المرور عبر البنك المركزي؟ فهل كل هذا جائز حسب القانون؟ 
اضيف واضيف، اذا كانت الاموال القطرية "دنسة" وهي دنسة في نظري شخصيا، فلماذا مرت في الماضي اموال قطر وهي تمر الان مرة اخرى واخرى، عبر البنك المركزي في اسرائيل، بهدف اعادة اعمار غزة؟ مرت في الماضي لأيدي حماس بالكامل بمعرفة اسرائيلية، وتمر الان ايضا الى ايدي السلطة في رامالله بمعرفة وموافقة اسرائيلية. فهل أصبحت هذه الاموال طاهرة بعد اقتطاع حصة كبيرة منها؟ أهي مسألة "كاشير" أو"طريف"؟ اما اذا كانت المشكلة كلها تنحصر في ان الاموال التي يرسلها عزمي بشارة، هي الاموال "الدنسة" وما ترسله قطر يمكن تطهيره، فكيف مرت المبالغ لدعم الحزب في الانتخابات، بعد ان اقتطع البنك المركزي منها حصته؟ هل بعد الاقتطاع اصبحت  اموال طاهرة "كاشير"؟
اتمنى ان تصل القضية الى المحاكم لكي تفتح كل الملفات، ولكني على ثقة انها زوبعة ستهدأ بعد حين لأنها تكون قد استنفذت أهدافها، وهكذا تبقى باقي الملفات طي الكتمان.
                                                                                                                                                _________________________________________________

اليف صباغ- البقيعة 21.10.14 


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

الأحد، 9 نوفمبر 2014

كيف لا تنتفض؟ وهل تَصمِت مُغتصَبة؟


                كيف لا تنتفض؟ وهل تَصمِت مُغتصَبة؟
                                                       بقلم: اليف صباغ

انهم يُزوّجون ابنتهم لِمن اغتصبها "صونا للعار" !!! أليس هذا هو عار العاجزين عن الدفاع حرماتهم؟ وهكذا هي قصة القدس التي اطلق عليها الشاعر الكبير مظفر النواب، "عروس عروبتكم". فلماذا يقف مليارد وثلاث مائة مليون مسلم "يسترقون السمع...." ألم يتعبوا من ذلك؟ ولماذا يقف 350 مليون عربي " يسترقون السمع....." الا يخجلون من طول انتظارهم؟

في شهر شباط من العام 2012 قامت بلدية القدس بنقل ملكية مطار قلنديا اليها، وشرعت فورا بتخطيط منطقة صناعية هناك، الامر الذي يقطع التواصل الجغرافي بين الاحياء العربية المتاخمة للمطار ويوصل حدود بلدية القدس الى رامالله، بالإضافة الى ان ذلك لا يبقى للدولة الفسطينية امكانية استخدامه مطارا وان كان صغيرا، وهذا يتعارض مع الالتزامات الرسمية التي قدمتها تسيبي لفني للسلطة عام 2008 مقابل العادة الى المفاوضات. ليس هذا فحسب بل اعلنت السلطات الاسرائيلية بالامس عن مصادرة حوالي 13 الف دونم من اراضي بيت اكسا شمال غربي القدس، بحجة تحويلها الى منطقة تدريب عسكري، وقد تضمها لاحقا الى بلدية القدس ايضا.
عندما احتلت اسرائيل القدس العربية في حزيران من العام 1967  قامت سلطات الاحتلال بحل البلدية العربية وضم منطقة نفوذها الى بلدية القدس الغربية، ثم شرعت بسن قوانين فضمت القدس المحتلة الى السيادة الاسرائيلية، وبذلك تحولت مدينة القدس بغربها وشرقها من 6.5 كم مربع الى 70 كم مربع، وفي مرحلة لاحقة ضمت حكومة اسرائيل مناطق اضافية لتصبح 108 كم مربع وفي العام 1990 اصبحت 123 كم مربع، اما اليوم فتساوي مساحة القدس الكبرى ما يقارب 100 ميل مربع وهذا يعني اكثر من 160 كم مربع. كل ذلك حصل تحت سمع وبصر الأمتين العربية والاسلامية وهم "يسترقون السمع ...." كما قال مظفر النواب.
نتيجة لهذا الاغتصاب المستمر منذ سبعٍ واربعين عاما لمدينة القدس، انجب المُحتل 12 مستوطنة يهودية جديدة،  بالاضافة الى 20 بؤرة استيطانية داخل الاحياء العربية منها، ناهيك عن الفنادق والمؤسسات الحكومية والمشاريع السياحية الإسرائيلية، وما يزيد عن 50 الف وحدة سكنية يعيش فيهم حوالي 200 الف مستوطن جاءوا من كل بقاع العالم. مقابل حوالي 250 الف فلسطيني فقط. اما سكان القدس بغربها وشرقها فهو يزيد عن 800 الف انسان.
يعيش في البؤر الاستيطانية داخل الاحياء العربية حوالي الفي مستوطن من غلاة المستوطنين المتطرفين ذوي الخلفية الايديولوجية، يحرسهم حوالي 350 رجل أمن بشكل دائم على حساب حكومة اسرائيل رسميا. هذه البؤر موجودة في أحياء البلدة القديمة، راس العامود، جبل المكبر، سلوان، ابوديس، شيخ جراح، الطور، الصوانة واماكن اخرى.
واضح تماما ان الهدف من كل عمليات الاستيطان، داخل الاحياء العربية او في احياء منفصلة، هو منع اي احتمال للطلاق بين المغتصب والمغتصبة/ امكانية تقسيم القدس من جديد، ومنع امكانية تحويل القدس العربية الى عاصمة للدولة الفلسطينية القادمة.  يُذكر ان الغالبية العظمى لهذه البؤر الاستيطانية داخل الاحياء أقيم بعد اتفاقية اوسلو.
من الواضح لكل متابع، ان الباب الذي تدخل منه حكومات اسرائيل لتعطي "شرعية" للاستيطان في القدس، وخلق اجماع اسرائيلي حول ذلك، هو قناعة الاحزاب الصهيونية جميعها بأن المستوطنات في القدس باقية تحت السيادة الاسرائيلية، في ظل اي حل مستقبلي دائم. هذه القناعة تتعزز بالادعاء ان هناك تفاهم اسرائيلي- فلسطيني- عربي وربما عالمي، الا يطالب الفلسطينيون بإخلاء المستوطنات في الحل الدائم وانما بالتعويض عن ذلك بما يسمى تبادل الاراضي.
يمتد نفوذ بلدية القدس اليوم من رامالله في الشمال حتى العيزرية في الشرق وحتى بيت لحم في الجنوب . بحيث تفقد رام الله التواصل مع بيت لحم والخليل ويضطر ابن رامالله ان يلتف حول القدس، اي المرور بجانب اريحا، للوصول الى بيت لحم او الخليل، وهذا ايضا غير مضمون في المستقبل، وتفقد الاحياء العربية التواصل فيما بينها من خلال اقامة مناطق صناعية اسرائيلية او احياء استيطانية على الاراضي المصادرة فيما بين تلك الاحياء.
آخر هذه المخططات، كما ذكرنا اعلاه، هو مصادرة أراضي بيت إكسا، واستيلاء بلدية القدس على مطار قلنديا والبدء بتخطيط منطقة صناعية على ارض المطار، بحيت يُقطع التواصل الجغرافي بين الاحياء العربية ويصل حدود بلدية القدس الى حدود رامالله. ومن الناحية الجنوبية، وبعد بناء حي جبل ابوغنيم، او ما يسمونه هار حوماة، على حدود مدينة بيت لحم، وقد بني جزء من هذا الحي على اراض تابعة للبطريركية اليونانية في القدس تحت سمع وبصر السلطة الفلسطينية والاردن. وفي هذه الايام،  تستعد الشركات الاسرائيلية  للبدء ببناء حي جديد من الجهة الغربية للشارع الرئيس الموصل بين بيت لحم والقدس، اي على أرض تلة المطار، التي باعها البطريرك ثيوفيلوس عام 2011 الى الشركات الاسرائيلية، ولم تنجح كل محاولات ابناء الطائفة العرب من تحريك السلطة الفلسطينية او الاردن لمنع هذه الصفقة. وهكذا يتم قطع التواصل العربي بين بيت لحم والقدس ايضا.
صرفت حكومات اسرائيل منذ عام 2005-2013 حوالي 60 مليون شاقل اضافي سنويا ، من خلال صندوق مغلق تديره "سلطة تطوير القدس"، بهدف تعزيز السيطرة الاسرائيلية في القدس الشرقية لتبقى ، وفق مفهومهم، "عاصمة ابدية لاسرائيل" ومنع اي امكانية لتكون عاصمة فلسطينية او حتى اقامة عاصمة فلسطينية على جزء منها. اما ابناء الامة وزعمائها، كالعادة، فيصرفون الوعود للمقدسيين لصرفها على المُقدسات، ويصرفون مليارات الدولارات في اماكن أخرى لا قدس فيها ولا قدسية لها.
اضافة لكل ذلك، تمنع بلدية القدس، والحكومة الاسرائيلية، من المقدسيين اي بناء او حتى تخطيط لبناء أحياء عربية جديدة، كما تمنعهم من البناء طوابق اضافية في أحياء عديدة، بهدف منع زيادة عدد السكان العرب في المدينة، فكما تحاول حكومات اسرائيل المتعاقبة ان تبقي نسبة السكان العرب في المدن المختلطة لا تزيد عن 20% هكذا تفعل في القدس ايضا.
فوق هذا وذاك، تقوم سلطات الاحتلال باستخدام اشكال  متعددة لتهجير المقدسيين من مدينتهم، ان كان ذلك من خلال منع رخص البناء، او هدم البيوت التي تقام دون ترخيص، او الاستيلاء على بيوت عربية بطرق الغش والخداع او مداهمات ضريبية وعزل القدس عن الضفة الغربية او سحب الهويات/ الاقامة ، بحجة ان صاحبها غادر المدينة لفترة طويلة، او ان المقيمة تزوجت من خارج المدينة، وعليها ان تلحق بزوجها، او ان الرجل تزوج من خارج المدينة وبالتالي لا تمنح زوجته غير المقدسية هوية الاقامة الدائمة في المدينة فيضطر الى المغادرة.
رغم كل هذه الضغوط، يرفض المقدسيون، ولأسباب سياسية ووطنية معروفة، المشاركة بالانتخابات البلدية، الا القليل منهم، وهم يحملون هوية زرقاء، باعتبارهم مقيمين دائمين وليسوا مواطنين، وقد فشلت كل المحاولات الاسرائيلية لدمج المقدسيين في بلدية واحدة، خشية ان يعطي ذلك شرعية للاحتلال. بعد كل هذا وبسبب كل ما تقدم، وما لم يتقدم اقسى وافظع، فهل تستكثرون على القدس انتفاضتها ضد المُحتل؟  فهل توقعتم ان تصمت مغتصبة؟ ان عروس عروبتكم تمشي عارية....  والحياة لا تحب العاجزين.
                       _________________________________
اليف صباغ- البقيعة 9.11.14




حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

السبت، 8 نوفمبر 2014

بمناسبة 20 عاما على اتفاقية وادي عربة....

استدعاءات وتهديدات ولقاءات سرية ومهاتفات، لا تصدقوا!
الخازوق،  مِن زماااااان ،  فات
                                                             
                                                                                بقلم: اليف صباغ

في أعقاب "التهديدات" الاردنية "المجلجلة" بإعادة النظر في اتفاقية وادي عربة، واستدعاء السفير الاردني في اسرائيل من قبل الحكومة الاردنية للتشاور، وتقديم الاردن شكوى الى مجلس الامن ضد ممارسات اسرائيل الهمجية في الحرم القدسي الشريف، وفي اعقاب المحادثة الهاتفية بين نتنياهو والملك عبدالله الثاني التي تخللت ذلك، اصدر مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية بيانا جاء فيه، "ان نتنياهو قال للملك الأردني بان إسرائيل ستحافظ على الموقع والوضع الخاص للأردن في منطقة المسجد الأقصى والأماكن المقدسة بمدينة القدس وذلك وفقا لاتفاقية السلام المبرمة فيما دعا نتنياهو وعبدالله الثاني إلى الوقف الفوري لأعمال العنف والتحريض" ( هذا نص وسائل الاعلام العربية). وكان نتانياهو قد التقى الملك عبدالله الثاني نهاية الاسبوع الماضي سرا ، وفق وسائل الاعلام الاسرائيلية، مكررا الكلام والتعهدات نفسها ولكنه، كعادته، سرعان ما أخل بوعوده والتزاماته في اليوم التالي، فهل يمكن انه يفسر تعهداته غير ما يفسرها ويفهمها العرب؟
لا يختلف اثنان، حتى في البيت الابيض، من متابعي نهج نتانياهو السياسي بأنه مخادع ومضلل وكاذب محترف، ولكن هل يكفي ان نفند اكاذيبه دون ان نفحص مسؤولية الاطراف الاخرى عن تضليل الرأي العام العربي عامة والفلسطيني خاصة؟ وهل يستطيع الاردن حقا قطع العلاقة مع اسرائيل او اعادة النظر في اتفاقية السلام بين البلدين، اي اتفاقية وادي عربة؟
للإجابة على هذه الاسئلة لا بد من العودة الى نص الاتفاقية حرفيا وجوهريا،

تنص "اتفاقية وادي عربة" الموقعة في 26 اكتوبر لعام 1994 في الفقرة 9 الخاصة بالأماكن المقدسة والتاريخية، بند 1،2 منها على التالي:
1.      "يسمح كل طرف بحرية الوصول الى الاماكن ذات الاهمية التاريخية والدينية".
2.      ارتباطا بهذا، وطبقا لتصريح واشنطن، تحترم اسرائيل الدور الخاص القائم للمملكة الاردنية الهاشمية في أماكن مقدسة اسلامية في القدس . وعند التفاوض على الحل الدائم، تمنح اسرائيل للاردن افضلية عليا للدور الاردني التاريخي في هذه الاماكن المقدسة".
هنا لا بد من التوقف عند النص جيدا، مع التأكيد ان هذا النص مطابق تماما للنص العبري والانجلزي، ويستطيع كل قارئ مراجعة ذلك على صفحات الانترنت ايضا، اما التوقف عند دقة النص والانتباه جيدا الى صياغة الالتزامات المتبادلة والمفردات  المستخدمة في النص، وحتى الى وجود او حذف ال التعريف، فهو ضروري لأن تجربة حذف "أل التعريف" من قرار 242؟ باللغة الانجليزية ، اي ضرورة الانسحاب من "المناطق" او من "مناطق" احتلت في الحرب الاخيرة،  لا بد ان تعلمنا اهمية النص ودقته. وفي حين تتوقف اسرائيل عند كل كلمة ونقطة وفاصلة في اي اتفاق او تصريح، نجد ان الانظمة العربية والمفاوضين العرب "الافذاذ" يستهينون بذلك عجزا او اهمالا او استهتارا بحقوق شعوبهم.
ماذا ينص قول المعاهدة؟ وكيف تفهمه اسرائيل؟
يلزم النص اعلاه ( البند الاول اعلاه) "كل طرف" السماح بحرية الوصول...الخ، واذا اتفقنا ان الطرف الاسرائيلي يلتزم بالسماح للمسلمين الوصول الى الحرم القدسي الشريف، فماذا يعني التزام الاردن المقابل؟ اين هي الاماكن المقدسة والتاريخية للطرف الاسرائيلي؟ هل يعني ان الاردن يلتزم بالسماح للاسرائيليين للوصول بحرية الى حائط البراق ؟ وهل يوجد تفسير آخر لهذا النص؟ وكيف يمكن ان تعترف "بحق" وصول الاسرائيليين الى حائط البراق دون ان تعترف ب"حق" الصعود الى باحة الحرم القدسي؟
اما البند الثاني للمعاهدة فيُذَكّر ب "تصريح واشنطن" ويعبره اساسا لهذه "الحقوق"، (انتبه للمفردات) فيقول:
 ان اسرائيل "تحترم" ولا يقول تعترف..... 
ب "الدور الخاص" ، وليس بالمكانة الخاصة،....
 في "أماكن مقدسة اسلامية" وليس الاماكن المقدسة الاسلامية، ودون ان يذكر الاماكن المقدسة المسيحية ايضا،
وان اسرائيل هي التي "ستمنح" الاردن ، وكأنها هي صاحبة الحق، وهذا ما يفسر كلمة "تحترم" بدلا من تعترف، .. 
وماذا ستمنحها يا ترى؟  "أفضلية عليا"... على من هذه الافضلية؟ ان لم تكن افضلية على الطرف الفلسطيني صاحب الحق الشرعي والوطني والسياسي!!!
 فهل كل هذا صدفة؟ وهل مرت هذه الصياغة وهذه المفردات دون دراية لأهميتها؟ وهل حذفت ال التعريف، وحذفت الاماكن المقدسة المسيحية من النص دون ان ينتبه اليها أحد من الطرف الاردني؟ ام سقطت سهوا !!!؟ أوليس في هذا النص اعتراف اردني "بحق" اسرائيلي يتمسك به الاسرائيليون اليوم في كل مناسبة وحلبة سياسية؟ وهل يفسر هذا النص تراجع المملكة الاردنية عن مواجهة اسرائيل والبطريركية اليونانية عند تسريب الاوقاف الارثوذكسية الى الشركات الاسرائيلية المختلفة؟ اليس في هذا النص انتقاصا فاضحا من الحق السياسي والوطني الفلسطيني في القدس؟ الا يجدر ان نخشى من تحويل قضية القدس، وخاصة على ضوء التصعيد الاسرائيلي الأخير، الى قضية حقوق دينية فقط تنتهي بالتفاوض بين اسرائيل والاردن، وفي الحد الاعلى بين اليهود والمسلمين في كل العالم؟ الا يجوز لنا ان نخشى، في ظل هذا التصعيد الاسرائيلي الديني للصراع، من اختزال الحقوق الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني في مدينته بالحق الديني فقط؟
لقد اخبرني مصدر اردني مطلع جدا ان عدم اضافة جملة "الاماكن المقدسة المسيحية " الى النص، جاء تكرارا لحذفها من نص "تصريح واشنطن" الذي وُقّع  في 25 تموز من السنة نفسها. واذا ما راجعنا تصريح واشنطن نفسه نجد ايضا ان البنود المذكورة اعلاه لا تختلف بنصها ومفرداتها عن تصريح واشنطن ايضا، ففي الفقرة ب (3) ينص التصريح ما يلي: "تحترم اسرائيل الدور الخاص الحالي للمملكة الاردنية الهاشمية في الاماكن المقدسة الاسلامية في القدس.( مع ال التعريف  أ. ص) وعندما يتم التفاوض على الحل النهائي، ستمنح اسرائيل للاردن افضلية عليا للدور الاردني التاريخي في الاماكن المقدسة هذه. اضافة الى ذلك اتفق الجانبان على تطوير العلاقة الدينية بين الاديان التوحيدية الثلاث".
حين نتأكد ان هذا هو نص اتفاقية وادي عربة ، وقد اكتفينا بالتنويه الى فقرة واحدة فقط من الاتفاقية،  وهذا هو النص الحرفي لتصريح واشنطن، وقد وقع عليهما الملك حسين، فهل يمكن ان نصدق تصريحات القصر الملكي في عمان وتهديداته بقطع العلاقات مع اسرائيل، بحجة ان اسرائيل "تعترف بالوصاية الاردنية على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس"؟. أوليس هذا تضليلا للرأي العام الفلسطيني والاردني على حد سواء؟ أما من اراد ان يصدق،  فهذا شأنه.
اضافة الى اهمية النص المذكور للمعاهدة، لا بد من التذكير ان الاردن قد ارتبطت مع اسرائيل باتفاقيات عديدة اخرى مثل اتفاقية المياه، والتي، بموجبها، تعطي اسرائيل للاردن ما يساوي 500 مليون كوب من بحيرة طبريا لري غور الاردن الشرقي، حيث انتشرت فيه المزارع الاسرائيلية، والذي يصدر خضاره الى اسرائيل. واتفاقية قناة البحرين التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت، واتفاقية إمداد الاردن بالغاز الطبيعي من اسرائيل، وإتفاقية الاستيراد والتصدير عبر ميناء حيفا، وهذا يشمل مرور الاستيراد الخليجي عبر ميناء حيفا مرورا بخط اوتوستراد اردني اسرائيلي... واتفاقيات اخرى  كثيرة... فهل بعد كل هذا يمكن ان نصدق هذه "التهديدات"؟
قد يحسب الطرف الاسرائيلي حسابات سياسية لهذه التهديدات، ولكنه في الواقع قد حسبها قبل التوقيع على الاتفاقيات المبرمة وربطها بعقوبات مادية منصوص عليها في الاتفاقيات العينية، ويعلم جيدا ان الاردن هو الطرف التابع بين الفريقين المتعاقدين، وان الاردن هو الطرف الذي لا يستطيع ان يحتمل تبعات ابطال اي اتفاقية وقعها مع اسرائيل. فهل بعد كل هذا السقوط يمكن ان يتعظ العرب؟
                            __________________________________
اليف صباغ- البقيعة
7.11.14


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .