الجمعة، 14 نوفمبر 2014

بالله شو؟ شو عدا مما بدا؟

                  بالله شو؟  شو عدا مما بدا؟

ما تزال قضية تكريم الدكتور عومي بشارة وامير قطر في ملعب سخنين تردد اصداءها في الأروقة السياسية الاسرائيلية والحكومية منها بشكل خاص. وكان بشارة قد تواسط لدى امير قطر لتقديم هبة لفريق اتحاد ابناء سخنين من الدرجة العليا تقدر بمليون دولار، ومنهم من يقول مليوني دولار، مع العلم ان وسائل الاعلام نشرت سابقا ان فريق اخاء الناصرة تلقى هبة مشابهة خلال الزيارة التي قام بها ممثلو الفريقين العربيين الى الدوحة قبل عدة اشهر. ويذكر ان فريق اتحاد ابناء سخنين بنى ملعبه الكبير على حساب قطر، بل اخذ الملعب اسم "الدوحة" تكريما للأمير الأب، ولو نظرنا الى اللوحات المعلقة على المؤسسات العامة في اسرائيل ابتداءً بالمستشفيات وانتهاء بروضات الاطفال، نجد ان هذا سلوك لا يخفى على الاسرائيليين بل هم اكثر من ينتهجه في الحياة العامة. اذن، اين المشكلة؟ ولماذا هذا الهجوم المنفلت؟ هل هو بسبب التكريم؟ تكريم الامير او تكريم عزمي بشارة؟ ام بسبب تلقي الدعم المالي؟ ولماذا دعم السعودية للحركة الاسلامية في الداخل مسموح ودعم قطر غير مسموح؟ ولماذا دعم فريق إخاء الناصرة يمر بدون اعتراض اما دعم فريق اتحاد ابناء سخنين ممنوع؟ على قول المثل: "فصّ ميخايل ما بيسايل وفصّ حنّة إلُو  رنة ؟". ليش يعني؟
اختلف مع سياسة وممارسة عزمي بشارة، من هنا وحتى قطر، ولا اخفي موقفي هذا ولا اتساهل ولا اغفر له ولا لأميره الصغير او الكبير مساهمتهم فيما حدث ويحدث من فظائع في سوريا الحبيبة، ولكني لا اقبل ان تتحول المواقف الكبرى الى مواقف شخصية صغرى وتافهة، من صراع سياسي جوهري الى مناكفات سياسية او شخصية تافهة. من هنا لا بد ان نتطرق الى حقيقة الضجة ولا ننسى حقيقة التكريم ايضا.
لو قفزنا فوق كل الاسئلة السابق ذكرها وتعاملنا مع موضوع التكريم وحده، فمن ناحية قانونية، يقول الاتحاد العام لكرة القدم، انه لا يسمح بمشاركة شخصيات سياسية في اي نشاط على ارض الملعب، "لكي تبقى الرياضة للجميع وخارج الصراعات السياسية"، حلو. ومرة اخرى يقولون انه "خائن" للدولة ، و"متهم بالتجسس" لصالح حزب الله،  وعليه، يقول العالمون بالقانون، ان فريق اتحاد ابناء سخنين لم يخالف القانون، لأن عزمي بشارة لم تُدنه المحاكم الاسرائيلية، حتى انه لم تقدم ضده لائحة اتهام، والمتهم بريء حتى تثبت ادانته، اضافة اليه، عزمي بشارة لم يعد، قانونيا على الاقل، شخصية سياسية في اسرائيل، فهو لم يعد عضو كنيست وقد سحبت كل امتيازاته كعضو كنيست سابق، ولا عضوا في حزب التجمع ايضا، حتى وان كان هو "الآمر الناهي" فعليا، وهو "الزعيم الملهم" لغاية الآن. اضافة الى ذلك، فهو لم يشارك في اي نشاط على ارض الملعب، وان تكريمه لا يختلف عن تكريم غايدماك قبل عدة سنوات، كما يقول الدكتور زحالقة، بل ان غايدماك كان حاضرا بشخصه عند تكريمه، فهل يختلف قانون الاتحاد العام عن قوانين الدولة  أم انه خاضع لها؟. الأمر الثاني، الذي لا بد من ذكره هنا، كيف يسمح لكل قيادة الليكود ان تشارك في احتفالات فريق "بيتار القدس" وتتفاخر بانتمائها التاريخي ودعمها للفريق دون ان يعتبر ذلك مخالفا لقوانين الاتحاد العام لكرة القدم؟ وكيف يُسمح لزعران واعضاء "بيتار القدس" ان يهتفوا "الموت للعرب" وان يفلتوا من كل عقاب وفق قوانين الاتحاد العام لكرة القدم؟  ولماذا ألزمَ الاتحاد العام فريق أبناء سخنين على رفع العلم الاسرائيلي عندما استلم كأس الدولة رغم ان ذلك يشكل في نظر الفلسطينيين هنا ابشع اشكال التدخل السياسي الصهيوني في الحياة الرياضية العربية؟
لا اشك ، ولو للحظة، ان التجمع اراد الاستفادة من الهبة القطرية لتسجيل نقاط سياسية حزبية، في رسالة واضحة الى الفلسطينيين هنا بان من يريد مالا من قطر، وهي تعطي، فعنوانه "التجمع" ، وهذا ما مارسته وتمارسه الاحزاب الاخرى صغيرة وكبيرة، عربية ويهودية، وكذلك من خلال توزيع المنح الدراسية على طلاب الجامعات هنا او في الاردن او في روسيا، فهل هذا ممنوع ايضا؟ ليعلمَ المناكفون ان السابقة قد تكون أخطر من الحدث نفسه فاحذروا يا عرب!!! ولا اشك للحظة ان فلسطين الجريحة ما تزال تشكل الضمير الحي للامة العربية، وعليه فكل النعاج الخليجية وغير الخليجية، بكل سلوكياتها في الماضي والحاضر، وبما ارتكبت من جرائم بحق سوريا، تجد نفسها ملزمة بتقديم الهبات المادية لهذا الضمير الحي طلبا للاستغفار ومحاولة لمحو العار عن كل فعل وجريمة شائنة، ولكن هيهات! هيهات!، فلا اهالي سخنين ولا اهلنا في فلسطين وسوريا يمكن ان يغفروا مهما تراكمت الملايين.
واذا كان الاتحاد العام لا يسمح بالتدخل السياسي في الرياضة ، فلماذا أقام الدنيا بعد ان تدخل ليبرمان والوزيرة البيتارية  لفنات وباقي النبّاحين، مطالبين الاتحاد بإنزال اقصى العقوبات بفريق اتحاد ابناء سخنين، بل تقترح الوزيرة لفنات اقتراحات عينية تتمثل "بإبعاد الفريق عن عدة لُعب حتى يتسبب ذلك بسقوطه من الدرجة العليا، وتضيف، بغير ذلك نكون قد فشلنا". إذن هذا هو الهدف. وهذا المطلب هو تجسيد للحقد العنصري المتراكم على فريق عربي قهر البيتاريين في ملعبهم العنصري.
سأقفز مرة اخرى عن، المناكفات السياسية والشخصية، التي طغت في مناقشة هذا الموضوع، الى الاسئلة السياسية الحقة التي تحتاج الى معالجة فعلا. قد تأتيك الفرصة الى باب بيتك فتبعدها خوفا من مواجهة تبدو لك صعبة، ولكن السياسي القادر هو من ينتهز فرصة سانحة ليتحول من متهَم (بفتح الهاء) الى متهِم (بكسر الهاء). فلو تقدم الاتحاد العام لكرة القدم بدعوى قضائية لمحاسبة الفريق السخنيني ونجح في انزال العقوبات به، كما تريد الوزيرة لفنات، ستكون لنا فرصة ذهبية للتوجه الى المحكمة العليا وفتح ملفات عديدة لا بد من تسليط الضوء عليها. فاذا كانت قطر تدعم الارهاب واموالها "دنسة"، لا بد السؤال، من يدفع ثمن معالجة ارهابيي "جبهة النصرة" واخواتها في المستشفيات الاسرائيلية؟ كم من الاموال القطرية، بمباركة عزمي بشارة طبعا، تدخل هذه المستشفيات وبمعرفة وزارة الصحة وكل الأجهزة الامنية؟ ولماذا ما تزال العلاقات الاقتصادية قائمة مع قطر، ومن خلالها مع دول عربية أخرى؟ ولماذا ما يزال الاسرائيليون، حتى خلال العدوان على غزة، يزورون قطر بجواز سفر اسرائيلي؟ ولماذا ما يزال القطريون يسرحون ويمرحون في حيفا وتل ابيب، بل مرحب بهم؟  وهل الاموال القطرية التي توظف في البنوك الاسرائيلية طاهرة بينما ما يُقدم علنا الى ابناء سخنين دنسٌ؟
اضف الى ذلك، اذا كانت الاموال القطرية "دنسة"، فكيف مرت هذه المنحة، رسميا، عبر البنك المركزي في اسرائيل؟ ولماذا يقتطع منها حصة؟ وكم هي الحصة؟ ومن هم الاشخاص او الهيئات الاخرى القابضة في محطات المرور عبر البنك المركزي؟ فهل كل هذا جائز حسب القانون؟ 
اضيف واضيف، اذا كانت الاموال القطرية "دنسة" وهي دنسة في نظري شخصيا، فلماذا مرت في الماضي اموال قطر وهي تمر الان مرة اخرى واخرى، عبر البنك المركزي في اسرائيل، بهدف اعادة اعمار غزة؟ مرت في الماضي لأيدي حماس بالكامل بمعرفة اسرائيلية، وتمر الان ايضا الى ايدي السلطة في رامالله بمعرفة وموافقة اسرائيلية. فهل أصبحت هذه الاموال طاهرة بعد اقتطاع حصة كبيرة منها؟ أهي مسألة "كاشير" أو"طريف"؟ اما اذا كانت المشكلة كلها تنحصر في ان الاموال التي يرسلها عزمي بشارة، هي الاموال "الدنسة" وما ترسله قطر يمكن تطهيره، فكيف مرت المبالغ لدعم الحزب في الانتخابات، بعد ان اقتطع البنك المركزي منها حصته؟ هل بعد الاقتطاع اصبحت  اموال طاهرة "كاشير"؟
اتمنى ان تصل القضية الى المحاكم لكي تفتح كل الملفات، ولكني على ثقة انها زوبعة ستهدأ بعد حين لأنها تكون قد استنفذت أهدافها، وهكذا تبقى باقي الملفات طي الكتمان.
                                                                                                                                                _________________________________________________

اليف صباغ- البقيعة 21.10.14 


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق