الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014



اليف صباغ يرد على "المصدر الحكومي الاردني"، المجهول:

صفقات ثيوفيلوس ستقطع الطريق بين اقدس مدينتين نهائيا، وستقضي على كل المصالح السياحية في بيت لحم الى الأبد.

طلعت علينا صحيفة الغد الاردنية قبل ايام قليلة بمقالة اعتمد فيها الكاتب على "مصدر حكومي اردني" ليعدد  "مفاتن" ثيوفيلوس و"حرصه على الاوقاف الارثوذكسية في المدينة المقدسة"، ويبدو  غريبا ان يخفي "المصدر الحكومي" هويته فهل هو الخجل من انفضاح الكذب؟  لقد ضرب الكاتب، او "المصدر الحكومي" المجهول، بعرض الحائط كل الحقائق المعروفة والمنشورة في كل وسائل الاعلام، العربية والعبرية والانجليزية وحتى اليونانية التي فضحت صفقات العار، والقرارات الصادرة عن المحاكم الاسرائيلية ودوائر تسجيل الاراضي الاسرائيلية.
كما في الاردن كذلك عندنا يردد المنتفعون او المذدنبون ان صاحبهم لم يبع ولم يتنازل للمستوطنين، حتى انهم ينكرون ما اعترف به بنفسه من تجديد لصفقة العار الكبرى بأبخس الاثمان،  ويقولون: ان البيع بالحكر لمدة 99 سنة ليس بيعا بل تأجيراً، متغافلين عن جهل او عن قصد، او مستهترين بعقول الناس ومعارفهم، بأن التأجير لمدة 99 سنة يعطي المستأجر، وفق القانون الاسرائيلي، حق التصرف بالعقار كما انه صاحب العقار الفعلي، خاصة اذا سمحت له اتفاقية التأجير هذا ، بل اكثر من ذلك اذا كان التصرف يسمح له بالبناء على هذه الارض..  
لن أعود لأكرر ما كنا قد نشرناه عن صفقات العار التي عقدها ثيوفيلوس مع المؤسسات والشركات الصهيونية على اختلافها، فحول الاوقاف الارثوذكسية الى  وسيلة سهلة للسيطرة الاسرائيلية على القدس الغربية والشرقية على حد سواء، وانما سأقدم هنا ثلاث حقائق فقط، تفند كل ادعاء من اذناب البطرك او من المصادر الحكومية مجهولة الاسم:
لقد نشرت الصحف اليونانية قبل شهرين فقط عن ايداع ثيوفيلوس مبلغ 172 مليون دولار في البنوك الانجليزية ولم يصدر أي بيان من ثيوفيلوس ينكر ذلك. فمن اين له بهذه الاموال؟ هل ورثها من امه ام من قريبه جورج تينيت؟ ان كان لديه جوابا فليقدمه! ولكن الانكى من ذلك، ان احدا من الحكومة الاردنية او الفلسطينية الللتين اعترفتا بثيوفيلوس، لم يوجه سؤالا اليه يسأله فيه من اين له ذلك؟ ام ان في الأمر لغز آخر؟

ليس هذا وحسب، بل نشرت الصحف الاسرائيلية قرارات محاكم رسمية تؤكد ان ثيوفيلوس الثالث باع بطريقة الحكر طويل الامد (99 سنة) ارضا تقع بالقرب من دير مار الياس بمساحة 71 دونما ، وبالرغم من توجهنا الى السلطات الاردنية والفلسطينية لمنع هذه الصفقة وتحذيرنا من تدعياتها السياسية بعيدة المدى، وانها تقطع الطريق نهائيا بين القدس وبيت لحم، الا ان الرد كان خجولا وادعوا بانهم لا يستطيعون التأثير على البطريرك في حالة قرر بيع أي عقار داخل مناطق ال 48، وعندما اكدنا لهم ان غالبية هذه القطعة تقع في المناطق التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وارفقنا خارطة رسمية بذلك، ادعوا انها خارطة اسرائيلية ولا تشكل دليلا على ادعائنا، فأرسلت اللجنة الوزارية طاقما فلسطينيا يقوده الخبير في شؤون الارض والاستيطان الأخ خليل توفكجي، فعاد وقدم لهم خارطة مطابقة لما قدمناه لهم، ومع ذلك لم يفعلوا شيئا، لغاية في نفس يعقوب. !!!؟؟؟  لن اضيف هنا تفاصيلا لهذه الصفقة المشؤومة وما سيتبعها من اخطار، على مجمل المصالح السياحية في بيت لحم وبالتالي على الوجود المسيحي فيها، لأن المجلس المركزي قد اعد تقريرا مفصلا ومدعوما بالوثائق، في هذا الموضوع سيوزع على المهتمين ووسائل الاعلام في الأيام القريبة القادمة.ردا على الإدعاء القائل: ان ثيوفيلوس يؤجر بالحكر ولا يبيع بالمطلق، فانني اود ان اؤكد ان ثيوفيلوس نفسه قام يوم 22 نيسان 2012 ببيع قطعة ارض رقم 144/30  سابقا ورقم 154 حاليا مساحتها 1473 متر مربع، تقع بالقرب من فندق كينغ ديفيد في القدس، بمبلغ 40 مليون شاقل، أي اكثر من 10 مليون دولار. الى شركة اسرائيلية، وكان البيع بيعا مطلقا للقطعة بكاملها بعد ان كانت الارض مؤجرة بالحكر للشركة نفسها  لمدة 99 سنة.


هذه نماذج فقط من سلسلة طويلة من الصفقات نفذها ثيوفيلوس، في القدس وحيفا ومنطقة بيت لحم واماكن اخرى، وكلها صفقات منافية للقانون الكنسي ويفترض ان تكون باطلة، ولكن التنصيب الباطل على الكرسي البطريركي لا يمكن ان ينتج عنه الا صفقات باطلة، وقرارات باطلة. اما التغيير فهو قادم وقريب جدا... فمن اختار ان يكون مع الباطل فهذا ذنبه وعاره الذي يورثه الى ابنائه، ومن اختار ان يكون مع الحق  فالباب يتسع الى جميع الشرفاء.
                              ___________________________________________________

البقيعة 30.12.14


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

اليف صباغ، عشية الانتخابات المحلية في القرية:

اليف صباغ، عشية الانتخابات المحلية في القرية:                    

                  السؤال، ما هو المطلوب؟  وليس مَن هو المطلوب!
كما هو الحال عشية كل انتخابات محلية تشهد القرية تنافسا بين المرشحين للرئاسة، ويصدر كل مرشح بيانا او بيانات يشرح ويعد ما استطاع وما لا يستطيع. ودون اي استطلاع او بحث يقرر المرشح ما هي حاجات البلد؟ وما هي اولويات الناس؟ ودون فحص حقيقي وجاد، لماذا فشل السابقون في تحقيق البرامج نفسها لسنوات مضت؟ وسرعان ما يصطدم الرئيس المنتخب بصخور المخططين الاقتصاديين في الوزارات، فلا يجد الميزانيات المطلوبة لبرامجه، أو يُفاجَأ بموظفين لديه لا يعرفون ما هي برامج الوزارات لهذه السنة او السنة القادمة، او انهم لم يقدموا المشاريع في الوقت المناسب او نسوا ان يقدموها، و"الطاسة ضايعة"...... وهنا لا بد من سؤال جريء، هل حقا ان الحكومة مذنبة بكل ما نعانيه من ازمات وفشل؟ ام اننا ملزمون بنظرة نقدية لذاتنا لنحدد المسؤولية ونعالج الخلل؟
 اليوم، عشية انتخابات الرئاسة القادمة، يصطف الناخبون من جديد مع هذا او ذاك، يتحزبون، يتعصبون او يتبعون، إما لصداقة تاريخية او ارتباط عائلي او طائفي او حاراتي او لمصلحة فردية ضيقة ووعد بنصف او ربع وظيفة غير مضمونة أصلا، وفي غالب الاحيان دون التفات لمصلحة القرية ومستقبلها، وما هي مصلحة القرية إن لم تكن مجموع المصالح الفردية لنا جميعا؟  ودون التفات لقدرة هذا المرشح او ذاك على تنفيذ برنامجه.
لا اشك برغبة كل رئيس منتخب في تحقيق برنامجه ووعوده، ولكن تفحص النتائج السابقة بهدوء، يؤكد ان اي رئيس منتخب لا يستطيع الايفاء بغالبية الوعود الفردية التي وعد بها، وهذا مثبت، لأن المجلس المحلي ليس بيتا خاصا به. وان اي رئيس لا يستطيع تحقيق برامجه دون ان يكون الى جانبه موظفون مؤهلون يقومون بواجباتهم على افضل وجه. وأي رئيس منتخب لا يستطيع ان يقدم مصلحة لعائلته او طائفته إلا اذا كان ذلك ضمن ما يقدمه للبلد عامة. إذن، لماذا يعيش بعضنا بأوهامهم وأحلام اليقظة دون ادراك او وعي او مراجعة للماضي غير البعيد؟
اذا كانت المصلحة الفردية، كما هو رائج اليوم، هي العامل المقرر فلا بأس..... فلنناقش ما هي المصلحة؟ الا تتمثل مصلحتي في افضل مستوى من الخدمات يقدمها المجلس المحلي؟ الا تعني مصلحتي او يكون لأبنائي ملعبا وحديقة قريبا من البيت، ومدرسة في افضل حال، وبنية تحتية ملائمة لحاجاتي، وشوارع لا  تتحول الى مواقف للسيارات الخاصة، وحياة عامة تغتني بالنشاطات الثقافية وتفتقر الى العنف؟ الا تعني المصلحة ان يجد كل زوج شاب قطعة ارض يبني عليها بيته؟ ومنطقة صناعية توفر عشرات او مئات أماكن العمل؟  وهل التعصب العائلي او الطائفي هو ما يحقق مصلحتي هذه؟ فهل هناك مصلحة مشتركة بيني وبين ابناء عائلتي اكبر وأهم من المصلحة المشتركة بيني وبين جيراني في الحي الواحد على اختلاف طوائفه وعائلاته؟ وهل البنية التحتية هي مشتركة للعائلة أم للحي؟ وهل هناك توسيع مسطح القرية وايجاد قسائم بناء هي مصلحة عائلية وطائفية ام مصلحة مجموع الازواج الشابة على اختلاف انتماءاتهم العائلية والطائفية؟ وهل تشغيل المنطقة الصناعية والمدرسة الصناعية، وإيجاد فرص عمل جديدة هي مصلحة لعائلة او طائفة ام هي مصلحة جميع سكان القرية؟ وهل ترميم البيوت في نواة القرية وتنشيط السياحة هي مصلحة لعائلة او طائفة أم انها لمصلحة القرية عامة، واصحاب البيوت والمبادرات السياحية خاصة، بغض النظر عن عائلاتهم وطوائفهم؟
لكن اكثر ما يفاجئني هو الاستطلاع المنشور على موقع "الوديان"، هنا، وهو يسأل، اي من المرشحين تؤيد؟ قبل ان يكون هناك استطلاع يسأل، ما هي حاجات القرية وما هي أولوياتها؟ وقبل ان يكون هناك استطلاع يسأل، لماذا في اعتقادك فشل المجلس المحلي على مدى سنوات سابقة في تطوير القرية وتقدمها؟ ومن هو المسؤول عن ازدياد حالات العنف في القرية في السنوات الاخيرة؟  وقبل ان نسأل ونجيب، ما هي الصفات والمؤهلات المطلوبة من رئيس المجلس القادم لكي يكون انتخابنا له ناتج عن قناعة بأنه قادر على تحقيق ما نصبو اليه، وليس عن التزام عائلي او طائفي قد يكون معاكسا لمصالحنا الفردية والجمعية على حد سواء؟  أوليست المصلحة الجمعية قادرة ان توزع ثمارها على كل فرد فينا باحترام؟
إذن، دعونا نسأل ما هو المطلوب من الرئيس قبل ان نسأل من هو الرئيس المطلوب!  دعونا نسأل ما هي الظروف المطلوبة لمجلس ناجح او المؤهلات المطلوبة لرئيس ناجح؟  عند الاجابة على هذه الاسئلة لن يكون صعبا على اي منا ان يجيب على السؤال، من هو الشخص المطلوب؟

                                                            _______________ البقيعة 20.12.14


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

لا للتأجيل! لا للإسترضاء! نعم للقرار الدولي المُلزِم الآن!


  اليف صباغ:

    لا للتأجيل! لا للإسترضاء! نعم للقرار الدولي المُلزِم الآن!                                                                                                             

في الوقت الذي كانت تستعد فيه م.ت.ف والأردن وباقي الدول العربية، لتقديم مشروع قرار الى مجلس الأمن، لاٌتخاذ قرار بالاعتراف الدولي الكامل بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، بدأنا نشعر بتراجع وتأجيل غير مبررين، وفجأة قرّر بيبي نتانياهو حل حكومته ، على خلفية فشله في تحقيق الاهداف التي وضعها أمامه، والذهاب الى انتخابات برلمانية تجرى في السابع عشر من آذار القادم، وهو مقتنع ان باستطاعته الحصول على تأييد شعبي اكبر يتيح له اقامة حكومة يمينية قوية، وقادرة ان تواجه الضغوط الخارجية والداخلية على حد سواء، لكن الانتخابات هي الانتخابات، فكل يريد الفوز، ولكل فريق أجندته السياسية والاقتصادية الإجتماعية،  اما المعارضة، فبطبيعتها، تريد استبدال الحكومة، فكيف يكون ذلك؟
بعد الاعلان عن سقوط حكومة نتانياهو، اجتمع فوروم سبان فورا في محاولة ليجمع بين تسيبي ليفني (هتنوعاه) وبوغي هرتسوغ (العمل) في قائمة مشتركة، وربما لانتاج كتلة أكبر تضم يئير لبيد (يش عتيد) ، لعل مثل هذا التكتل المستقبلي يُشعِرالناخبين الاسرائيليين  بإمكانية تغيير بيبي نتانياهو وحكومته ونهجه اليميني المتطرف، المعادي للسلام والرافض للصوت الدولي العقلاني، الذي يدعو الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
اضافة الى ذلك، نشرت وسائل اعلام مطلعة، وغير رسمية، ان أوباما والطاقم الضيق المحيط به قد قرروا العمل على استبدال نتانياهو باعتباره يشكل عقبة جدية امام نجاح عملية التسوية في الشرق الاوسط. اضيف الى ذلك الجهد وهذه النوايا، ان صح الخبر، ان قامت مجموعة اسرائيلية من كبار العلماء والادباء ورجال الفكر، وصل عددهم الى اكثر من الف شخصية، بتوقيع عريضة موجهة الى دول اوروبا يحثون فيها برلماناتهم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية "على اساس حدود" ( وليس على حدود) الرابع من حزيران 1967 ، وبهدف الزام حكومة اسرائيل بهذا الحل من طرف واحد.

بالمقابل، شهدت ساحات اخرى مبادرات وجهود من نوع آخر،  فعادت فرنسا لتطرح مشروعا كانت قد حاولت طرحه عامي 2011 -2012 وفشلت، بسبب الرفض الاسرائيلي، فاٌنضمّت اليها، هذه المرة، المانيا وبريطانيا، لطرح مشروع قرار اوروبي، يشكل، في الواقع، تعطيلا وبديلا لمشروع القرار العربي، الى مجلس الامن، ونجحت، بجهودها هذه، بتعطيل الجهد الفلسطيني، كما نجحت في ان يتخذ مجلس وزراء الخارجية العرب قرارا بدعم المبادرة العربية، ولكنه يوصي الرئاسة الفلسطينية بإبقاء الباب مفتوحا لمبادرات أخرى، والمقصود هنا هو المبادرة الفرنسية، وهذا ما جعل الفلسطينيين يتعاطون مع المبادرة الفرنسية الأوروبية، بما فيها من مطبّات خطيرة، وتنازلات مجانية تمس بالحقوق الفلسطينية، دون ان توافق عليها اسرائيل ودون ان تلزمها بشئ.
فوق هذا وذاك، شهدنا تحركا اسرائيليا- فلسطينيا غير رسمي، طرح مبادرة جديدة تشكل اساسا "ابداعيا" للحل، وهي مبادرة صادرة عن مركز الابحاث الاسرائيلي- الفلسطيني IPCRI ، تتمثل باقامة دولة فلسطينية على 22% من ارض فلسطين دون تفكيك اي من المستوطنات، ودون عودة اللاجئين الى قراهم ومدنهم التي هُجّروا منها، مع ربط اقتصادي بين الدولتين. بكلمات اخرى، حلا يكرس الدونية الفلسطينية والتبعية الاقتصادية والسياسية الفلسطينية لإسرائيل، بل اكثر من ذلك، فهو يشكل وصفة "ابداعية" لنظام ابرتهايد بموافقة فلسطينية.
مثل هذه المبادرات، وبغض النظر عن مستقبلها، فهي تؤدي، بقصد او بدون قصد، الى ادخال الفلسطينيين في دورة جديدة من دوائر التفاوض المفرغة او العبثية لسنوات عديدة قادمة، وهي توفر الفرصة لبيبي نتانياهو ان يعزز الاستيطان والقبضة الاقتصادية والأمنية في المناطق المحتلة، بحيث لن يبقى اي مجال لاقامة دولة فلسطينية مستقلة، وبحيث يصبح نظام الابرتهايد أمرا واقعا واكثر تعقيدا، وبمضمون أسوأ بكثير مما كان عليه في جنوب افريقيا. عندها سيكون الحل الوحيد لاستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المغتصبة هو الإنفجار الكبير، الذي لا يبقى مجالا للتعايش بين الشعبين، وهذا ما يخشاه ذلك الفريق الاسرائيلي الذي يؤكد ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأسرع وقت ممكن.
اذن، ما يزال نهج الاسترضاء المعمول به منذ عقدين ونيف، هو النهج المعتمَد اوروبيا وامريكيا وعربيا، بالرغم من ثبوت فشله الذريع وعبثيته المطلقة. وعليه، لا بد من طرح السؤال الملح امام اصحاب هذا النهج، هل ستتحمل اوروبا وامريكا المسؤولية التاريخية عن انشاء دولة ابارتهايد يكون مصير سكانها افظع مما كان عليه في جنوب افريقيا وبما لا يقاس؟ وهل يعتقدن أحدٌ ان بيبي نتانياهو يريد حلا فعلا، ينتهي بإقامة دولة فلسطينية كباقي الدول؟
ان المطلع بموضوعية على مواقف نتاياهو وخطبه الاخيرة في الامم المتحدة وفي الكنيست وكذلك تصريحات وزير أمنه ومنافسيه، من اليمن، نفتالي بينيط وليبرمان وآخرون، وممارساتهم السياسية، يدرك بدون ادنى شك، ان الحل الذي يتطلع اليه بيبي نتانياهو ومن حوله، هو ادارة ذاتية فلسطينية بدون سلطة أمنية مستقلة ولا اقتصاد مستقل ولا سيادة ايضا، لا على الارض ولا في الجو، ولا في البحر. ومن هنا، واذا ما اراد المجتمع الدولي، بحل يضمن وجود الدولتين وفق الشرعية الدولية، لا بد من الزام اسرائيل بقرار دولي الآن وبدون تأجيل.
ان اتخاذ قرار ملزم في مجلس الأمن، في اقرب فرصة، هو الخطوة المجدية والمطلوبة لإلزام اي حكومة اسرائيلية للانسحاب الى حدود الرابع من حزيران خلال فترة زمنية محددة.
ان مثل هذا القرار، بموقف حيادي للولايات المتحدة في مجلس الأمن، هو الخدمة الكبرى التي يقدمها الغرب للمعارضة الاسرائيلية وحكومتها القادمة. ان مثل هذا القرار يوجه رسالة قوية الى الناخبين الاسرائيليين بأنهم أمام مرحلة جديدة سيضطرون للتعامل معها بواقعية، وبالتالي، لن يستطيع بيبي نتانياهو ان يقودهم.
 ان مثل هذا القرار سيقلب ميزان القوى السياسية في اسرائيل لصالح قوى السلام، ويمكنهم من توجيه الاتهامات الى بيبي نتانياهو وتحميله المسؤولية عن فرض قرار احادي الجانب على اسرائيل، وهذا سوف يؤتي ثماره في نتائج الانتخابات القريبة. القرار الدولي يريح حكومة حزب العمل القادمة، ويعطيها المبرر لقبول، او للتعامل مع، الواقع الجديد دون ان يتهمها اي اسرائيلي بتقديم تنازلات. وأعتقد ان الشخصيات الاسرائيلية الألف الذين وقعوا على العريضة المذكورة يفهمون جيدا ان الحل يبدأ بقرار دولي يلزم حكومة اسرائيل وليس باٌسترضائها، ولن ترضى. هذه هي اللغة التي تتحدث بها اسرائيل وهذه هي اللغة التي تفهمها.

                                          ____________________________________________________________


اليف صباغ- البقيعة- 9.12.14


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

القائمة المشتركة بين "التكتيك" و"الاستراتيجية"


اليف صباغ: "تكتيككم" ليس تكتيكنا، و"استراتيجيتكم" ليست استراتيجيتنا.
   

      القائمة المشتركة بين "التكتيك" و"الاستراتيجية"


يجتمعون ويُصَرِّحون ويَصرُخون أيضا، يتحدثون، يناقشون، يلومون، يعاتبون ويستعدون للتنازل، او التقاسم او التعالي، ولا يشترطون طالما انه على حساب المجموع، ولكن عند "الأنا"! نعم يشترطون... أنا في رأس القائمة وإلاّ فلا... ليس فلان في رأس القائمة وإلاّ فلا.. هذا ولم نصل بعد الى "الأنا" في الترتيب الحزبي الداخلي، وقد يكون القادم اعظم!
هل حقا يريدون الوحدة كما تفهمها وتريدها الجماهير العربية؟ ام أن هناك مفاهيم مختلفة للوحدة؟ هل هي وحدة الصف النضالية؟ ام وحدة برلمانية، فرضتها نسبة الحَسم، لتضمن البقاء للجميع؟ هل هي "تكتيك" ام "استراتيجية"؟ 
عند السؤال عن التكتيك والاستراتيجية، "يختلط الحابل بالنابل"، لأن تعريف المصطلحات غائب، فيصبح مفهوم التكتيك هو المراوغة وتصبح الاستراتيجية هي الهدف البعيد، وهذا بعيد تماما عن التعريف السياسي للمفهومين، فقد يصح ان يكون تعريفا عسكريا للمفهومين ولكنه ليس سياسيا بالتأكيد. فالمفهوم السياسي للتكتيك هو الأدوات والوسائل المستخدمة للوصول الى الأهداف المرجوّة، وبالتالي، لا بد ان تكون وحدة القوائم البرلمانية تكتيكا وهذا ليس عيبا. اما الاستراتيجية فهي مجموع الأهداف، قريبة المدى أو بعيدة، وبلا شك يجب ان تكون الاهداف البعيدة ضمن رؤية مستقبلية، قد تسمى رؤية استراتيجية. من هنا، لا بد من الاعتراف إن النقاش عن وحدة القوائم البرلمانية العربية ليس اكثر من تكتيك لتحقيق أهداف ما، وهو لن يؤتي ثماره ان لم يحدّد المعنيون أهدافهم أولاً. فهل من أهداف تم تحديدها لغاية الآن سوى رفع نسبة التصويت وزيادة عدد المتنعمين بالمعاشات العالية والسيارات الغالية والمصاريف الجارية، والمساعدين او المساعدات، وأطيب الأكلات وأرقى الأوتيلات؟ ولا حَسَد... فكُلوا ما طاب لكم، وعيشوا كما يحلو لكم، صحتين عليكم، ولكن... أتركوني خارج هذه اللعبة، لأنها تعنيكم وحدكم ولا تعنيني، كما انها لا تعني الجزء الاكبر من شعبنا. ولكن احذروا انكم لستم وحدكم في اللعبة القائمة على قِيَم المصالح الذاتية المشروعة!
لو كانت وحدة الجماهير العربية تعني هؤلاء فعلا، او ما يسمى بالوحدة الكفاحية للجماهير العربية، فكيف يمكن ان تتحقق طالما لم تحددوا الأهداف المشتركة للجماهير، بعيدة المدى او قريبة المدى، او ما تسمونها بالاستراتيجية؟ وما المشكلة ان تتمثل هذه "الوحدة الكفاحية" في عمل مشترك ضمن أهداف مشتركة، لقائمتين برلمانيتين؟ ولو كانت الوحدة الجماهيرية هي التي تعنيكم فعلا، فكيف يمكن ان تتحقق في البرلمان وهو لا يشمل اكثر من 50% من الجمهور العربي، ولا تتمثل في وحدة وفعالية لجنة المتابعة العليا التي تمثل كل شعبنا في الداخل الفلسطيني، او اغلبيته الساحقة؟ وان كان الهم الوطني هو ما يعنيكم، فهل ينحصر الهم الوطني في تحقيق "الأنا" أولا؟ وإلا فلا......؟ "قد تستطيعون تضليل كل الناس مرة، او تستطيعون تضليل بعض الناس مرات ومرات،  ولكنكم لن تستطعوا تضليل كل الناس مرة بعد اخرى ".   
قد تكون التحديات التي تنتظركم في الكنيست القادمة اكبر من "الأنا" الفردية او الحزبية، فهل أنتم على استعداد ان تدخلوا الحكومة برئاسة حزب العمل؟ هذا السؤال يحتاج الى جواب الآن. وهل تعتقدون ان الاحزاب الصهيونية ستترك لكم مصوتيها العرب كما تركتها لكم في المرات السابقة؟ ألا ترون ان المرشحين العرب الجُدد، في الاحزاب الصهيونية، يجهزون انفسهم ليكونوا في حكومة حزب العمل؟ وسيكون من الصعب عليكم منافستهم في "الوطنية" البرلمانية؟
حين يصبح البرلمان الصهيوني هو الملاذ الأهم للأحزاب العربية، على حساب لجنة المتابعة العليا، وهي السقف الوطني الوحيد لجماهيرنا الفلسطينية الصامدة، كما هو الحال اليوم، فلا داعي لرفع شعارات وطنية فارغة من المضمون. قولوا للناخب العربي وبصراحة تامة، انكم ذاهبون الى الكنيست الصهيوني ببرنامج مدني برلماني، واه لا يمكن تحقيق اي انجاز وطني من خلال الكنيست، واٌلعبوا لعبتكم كاملة هناك! كونوا ممثلين لأحزابكم في البرلمان كما هم زملاؤكم في الهستدروت والسلطات المحلية! واٌتركوا الساحة الوطنية للجماهير ومن يمثلهم فعلا، واٌتركوا لجنة المتابعة العليا للجماهير التي تقرر ممثليها فيها.
إن استراتيجتكم ليست الإستراتيجية الوطنية لشعبنا، وتكتيككم ليس تكتيكنا، وساحتكم ليست ساحاتنا.                                                    _____________________

البقيعة 22.12.14   


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

بيبي قابل للسّقوط ، فهل يوجد من يُسقِطه!


 اليف صبّاغ:        

  بيبي قابل للسّقوط ، فهل يوجد من يُسقِطه!                             


كل ما يجري في محيط بيبي نتانياهو في الأشهر والأسابيع والأيام الأخيرة يؤكد ان بيبي نتانياهو قابل للسقوط، ومعه كل نظرياته السياسية وعجرفته وتهديداته، وأن بقاءَه في الحكم مرتبط بمن يتوجب عليه او عليهم إتخاذ الخطوة المناسبة لتحقيق سقوطه.
الجمهور الاسرائيلي متمسك بنتانياهو طالما ان العالم وزعماء العرب عامة، والفلسطينيين خاصة، يسترضونه ويقدمون له الهدايا تلو الهدايا من الحساب الفلسطيني، علّه يرضى، ولن يرضى. متمسكون به طالما انه قادر على صد كل محاولة خجولة لإلزامه بالإنسحاب الى حدود الرابع من حزيران، وسيبقى الجمهور الاسرائيلي كذلك طالما انه لا يوجد قوة دولية تفرض ذلك عليه بقرار دولي. فالجمهور الاسرائيلي لن يتقدم نحو الحل طوعا طالما لم يُفرض عليه، وهو جمهور لا يفهم الا لغة الأمر الواقع وهو يتحدث بها على الدوام.
كانت الصراعات داخل الحزب قد أجبرت نتانياهو قبول خصمه الحزبي، روبي ريفلين، رئيسا للدولة، حيث يوجه اليه الانتقادات من الموقع الرسمي الإجماعي الأعلى في اسرائيل، بعد ذلك انسحب غدعون ساعر، وزير الداخلية، من الحكومة والبرلمان على خلفية خلافه مع نتانياهو، قبل ذلك كان قد انسحب الوزير موشيه كحلون عشية الانتخابات الماضية، وهو أحد اكثر الوزراء شعبية لدى الليكود آنذاك، وكان من حظ بيبي ان كحلون لم يشكل قائمة جديدة في الانتخابات السابقة، كما انه لم ينضم الى قائمة موجودة، ولكن في هذه المرة، اختار ان يشكل قائمة، ستأخذ وفق استطلاعات الرأي من 8-10 مقاعد، ولا شك سيجتذب الى صفوفه جزءا من مصوتي الليكود وخاصة الشرقيين والفقراء. كل هذا لا يكفي، على ما يبدو، لإسقاط بيبي نتانياهو، فبات يواجه، اليوم، صراعات حادة في معسكره، وإن بَدَت هذه المرة من الجهة الأكثر يمينية داخل حزبه وخارجه. في حين إتفق بيبي مع نفتالي بينيت ألا يهاجم أحدهما الآخر خلال المعركة الانتخابية، لكي يوجها كل الجهود لاستقطاب أصوات اليمين، والظهور بموقف يميني موحَّد وقوي، جاءه المنافس اليميني داخل حزبه، موشيه فيغلن، ليعلن عليه حربا داخلية، فيُسقِط اقتراحاته واحدا تلو الآخر، وكان اهمها منع نتانياهو، بصفته رئيس الحزب، من تخصيص مقعدين في القائمة لمرشّحَين يختارهما بيبي دون دخولهما في عملية التنافس الحزبية. من جهة أخرى فاجأه حليفه الأقرب ليبرمان باٌستعداده لتشكيل حكومة مع هرتسوغ وليفني دون التمسك بنتانياهو. المعركة الانتخابية تتمحور فيمن يقف في المركز وليس في الاطراف، وبيبي نتانياهو خرج من "المركز" اليميني الذي وضع نفسه به سابقا ليختار اليمين المتطرف.
فوق هذا وذاك، فاجأته المقاومة الفلسطينية في غزة بنشر أفلام اسرائيلية تعتبر في مصاف الأسرار الأكثر أمنيّة، فكيف حصلت عليها وأي اختراق أمني حصل في صفوف الجيش فأدى الى حصول المقاومة على هذه الافلام؟
كل هذا لا يكفي، فجاءَهُ السيد الأمريكي، الحليف الأكبر لإسرائيل، وحامي الحمى، ليقول: إما ان تراعي مصالحنا، او أننا سنجلس على الحياد، ولن نستخدم قوة الفيتو، التي استخدمناها عشرات المرّات في مجلس الأمن، ضد الفلسطينيين. ألم يكفِ كل هذا ليفقد بيبي نتانياهو توازنه وسلطته ويسقطه بشكل مدوّ في الانتخابات القادمة؟
إعتاد بيبي نتانياهو ان تأتيه خشبة الانقاذ من الطرف العربي، والفلسطيني خاصة، فهل سيحصل هذه المرة ايضا؟ هل سيتنازل العرب عن الإمساك بزمام المبادرة وتركها للفرنسيين او للأمريكان ليقدموا مشروع قرار الى مجلس الأمن بدلاً من مشروع القرار العربي- الفلسطيني؟  حذار ! حذار! إن اي قرار لمجلس الأمن سيتحول الى مرجعية قانونية جديدة للمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. إن إنتقص هذا القرار من الحق الفلسطيني المشروع دوليا، فإنه سيعيد المفاوض الفلسطيني الى دورة تفاوضية عبثية جديدة، وفق مرجعية أقل مما كانت عليه المرجعية السابقة، وهذا يعني تنازلا فلسطينيا مجانيا. ومن هنا لا يجوز القبول بأي مشروع قرار لا يتضمن الزام اسرائيل بالانسحاب الى حدود الرابع من حزيران خلال مدة اقصاها سنتين. ولا يجوز القبول بتقديم اي مشروع قرار ينتقص من حق اللاجئ الفلسطيني بالعودة الى دياره التي طُرد منها. أما العودة الى المفاوضات فلا يجوز ان تكون الا تفاوضا على كيفية الإنسحاب، وكيفية تفكيك المستوطنات، والتوقيت الزمني لذلك.
لقد اثبتت سياسة الاسترضاء والانتظار والتأجيل فشلها الذريع، وعلينا ان ننتقل من خطاب الاسترضاء الى خطاب آخر تجاه أوروبا وأمريكا بالذات، واي دولة عضو في مجلس الامن، بتحميلهم المسؤولية الكاملة لما آلت اليه الأوضاع من تعقيدات، وتحميلهم المسؤولية عن أي تعقيدات إضافية، وأن المطلوب منهم هو الانصياع للشرعية الدولية التي فرضوها علينا خلال عقود مَضَت، فمثلما قبلنا بها مُرغَمين، عليهم فرضها على حليفتهم اسرائيل أيضا. ان قرارا حاسما وملزما في مجلس الأمن سيتم استقباله بخنوع في إسرائيل، ولن يغير الجمهور الاسرائيلي موقفه الا اذا فُرض عليه الحل بقرار دولي، القيادات السياسية الاسرائيلية وفي مركزها حزب العمل لا تجرؤ ان تقبل بحل يقضي بالإنسحاب الاسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران، وسيكون من الاسهل عليها قبول القرار الدولي وإلقاء المسؤولية عن ذلك على نتانياهو وسياسته المعادية للسلام.  فهل من يسمع؟!
                             _________________________

16.12.14


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

الخميس، 4 ديسمبر 2014

ليس من حقكم تغييب السقف الوطني الجامع !


      اليف صباغ:  
      ليس من حقكم تغييب السقف الوطني الجامع !
بمناسبة مرور 34 عاما على منع انعقاد مؤتمر الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل،  واقامة لجنة المتابعة العليا، نعود مرة أُخرى،  وأُخرى، لنؤكد ضرورة انتخاب رئيس جديد للجنة في أقرب فرصة. رئيس يقود ولا يُقاد، يشكل حلقة وصل قوية بين الجميع، لا يمشي بين النقاط المطر ولا "جبل مصائب" لجميع مركبات لجنة المتابعة، وكلٌّ يلقي عليه مصيبته ويوجه اليه سهامه. لا تتهموا الرئيس بأي تقصير او ضعف، فأنتم من اختاره  توافقيا، بكل ما فيه من حُسن النوايا والطّيبة  و"الضعف" .  
يبدو أكثر وأكثر، ان انتخاب رئيس جديد للجنة المتابعة العليا لم يعد مهما، خاصة بعد ان أطل علينا رئيس الحكومة، نتانياهو، بمبادرته لحل الكنيست والذهاب الى انتخابات برلمانية جديدة، او ان البعض يخشى من سقف لجنة المتابعة بديلا للسقف البرلماني الاسرائيلي الذي يعيش في ظله!!  لقد اصبح الحزب في نظر البعض هو الأهم ، وعضو البرلمان هو الأهم في الحزب، فهو يوظف من يشاء،  ويُقصي من يشاء، ويرفع من يشاء، ويصرّح كما يشاء لا رقيب ولا حسيب، وهو الذي يحاسِب ولا يحاسَب.  وأصبح البرلمان أهم من لجنة المتابعة، لأن البرلمان هو من يدرّ المال الوفير والضوء المنير، وليس لجنة المتابعة.  الله يرحم ايام زمان!!! عندما كان للحزب مندوبين في البرلمان والنقابات والسلطات المحلية، وحتى في لجان اولياء أمور الطلاب، اما اليوم، فقد أصبح للبرلماني حزبا وصحيفة يروّجون لشخصه ، وجهورا يصفق لزعيمه او زعمائه ويتعصب لهم. من هنا لم يعد جائزا ان تسمى هذه الاحزاب الا بالاحزاب "البرلمانية".
ينسى اعضاء الكنيست العرب، او يتناسون، ان حوالي 50% ، واذا اخذنا بعين الاعتبار حملة تزوير الارادات التي تغض الحكومة النظر عنها، فتصل النسبة الى 60% من جمهور الناخبين الفلسطيني في الداخل، لا يشارك في الانتخابات البرلمانية، وليس صدفة او كسلاً كما يدعون، وبالتالي فهم لا يمثلونه.  أما لجنة المتابعة فهي الإطار الجامع الذي يضمن لهذه القوى الوطنية ان تتمثل فيه، وان لم يكن بالقدر الذي تستحق حتى الآن.  أقول:  ليس صدفة، ولا انسى تحميل حكومات اسرائيل المتعاقبة المسؤولية الأساسية لهذه المقاطعة، ذلك لأنها لا تفسح اي مجال لتحقيق اي انجاز وطني لأصحاب البلاد الاصليين من خلال البرلمان، بسبب طبيعة هذه السلطة وايديولوجيتها. وهي لا تمكن اعضاء الكنيست العرب حتى من تحقيق انجازات مدنية لصالح ناخبيهم بسبب سياسة الاقصاء والعنصرية السائدة والمتفاقمة. لكن في الوقت نفسه لا يجوز ان ننسى مسؤولية اعضاء الكنيست انفسهم وأحزابهم لما وصلت اليه حالنا، لقد اصبح التعصب الحزبي والزعاماتية هي، هي ، ما يشغل الاحزاب والبرلمانيين على حد سواء. عند مراجعة البرامج الانتخابية لأي حزب برلماني تكاد لا تجد فروقا جوهرية، وكذلك في الخطاب السياسي البرلماني، اللهم الا في الأداء الفردي والكرزماتية او الزعاماتية. وتجد ان السلوك الحزبي والعلاقة مع الجماهير يغيّب المبادئ والمواقف السياسية، ويحركه هدف واحد وهو الحفاظ على أكبر عدد من الناخبين للكنيست،  وفي داخل الاحزاب تغيب المبادئ والاخلاق، ويأكل الحمار الدستور خدمة لمصلحة هذا الزعيم البرلماني أو ذاك. والأهم الأهم، هو تغييب الأطر الوطنية الجامعة، مثل لجنة المتابعة العليا، تحت اقدام الصراعات الحزبية والمناكفات والحساسيات الشخصية. كل هذا جعل الجمهور الفلسطيني في الداخل يمقت هذه الاحزاب، ويمقت التعصب الحزبي كما يمقت العصبية الطائفية والحمائلية، ويرفض السير خلفهم كالقطيع، ويزيد من مقاطعة الانتخابات البرلمانية.    
 لقد وُجدت لجنة المتابعة العليا للضرورة الوطنية، بعد ان منع رئيس الحكومة مناحيم بيغن، بأمر عسكري وفق قانون الطوارئ، انعقاد مؤتمر الجماهير العربية في الداخل، ، الذي كان يفترض انعقاده في السادس من كانون الاول 1980 ، لكي يكون السقف الوطني الجامع للقوى الوطنية التي صمدت في وطنها بعد الاحتلال الاسرائيلي عام 1948. وشُكّلت هذه اللجنة لتكون هيئة وطنية عليا وموحدة، تعبيرا عن وحدة شعبنا الوطنية ورفضا للتجزئة الطائفية والحمائلية والحزبية على حد سواء. أُقيمت لتكون الهيئة الوطنية العليا لشرفاء هذا الوطن، لتكون هيئة مؤقتة لمتابعة مجمل القضايا الوطنية والمدنية لجماهيرنا الفلسطينية في الداخل، لحين عقد المؤتمر الوطني المذكور. لكن، ولهذه الاسباب جميعها، ليس من حق اي حزب او فئة مهما بلغ شأنه او يحل اللجنة او يقلل من شأنها وأهمية حضورها في حياتنا السياسية والوطنية  ومستقبلنا في بلادنا، واذا بحثت اي جهة ضرورة اعادة تركيبها من جديد باعتبار انها "قد استوفت مهامها"، فمن واجب كل شخص، وكل فئة، وكل حزب، ان يعمل على رفع مستوى عملها، حتى نصل الى تحقيق ما منعتنا السلطات من تحقيقة قبل حوالي 34 عاما، وهي "تستوفي مهامها" فعلا، بانعقاد مؤتمر الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل، لكي يكون هذا المؤتمر هو الاطار الفلسطيني الوطني الجامع، فوق كل الانتماءات الضيقة.
لجنة المتابعة العليا لجماهيرنا الفلسطينية وُجدت لتكون سقفا وطنيا جامعا، وصوتا موحَّدا وموحِّدا لجميع الاحزاب والحركات السياسية الوطنية، من رجال ونساء وشباب وشابات، ورجال أعمال ومزارعين وعمال، ومن محاضري جامعات واكاديميين وطلاب مدارس ... الخ. وهي باقية حتى عقد مؤتمر الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل، ويفترض ان تعمل اللجنة، وفق ما انيط بها عند تأسيسها، بمثابرة، ولا تألُ جهدا لتحقيق هذا الهدف.  مؤتمرنا هو برلماننا الوطني الحقيقي، ولا يستغربَنَّ أحدٌ ان تزداد نسبة المقاطعة الفعلية لانتخابات الكنيست القادمة مهما بلغ التخويف والتهويل والاغراءات.
                                                ___________________
خاص بموقع "الحياة"- الناصرة
اليف صباغ- البقيعة

2.12.2014


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

السبت، 29 نوفمبر 2014

الجرائم الصهيونية ومثيلاتها

                 حرق بيت فلسطيني، بمن فيه، هي جريمة نازية

                                                                                      اليف صبّاغ
لماذا لا يواجَه إرهاب المستوطنين بإدانة دولية مناسبة؟ هل نحن مقصرون  بحق انفسنا؟ أم ماذا؟
بعد منتصف الليل من صباح اليوم اقدم مستوطنون اسرائيليون على اشعال النيران في بيت، بمن فيه من سكان، في خربة ابو فلاح قضاء رامالله، وفقط ، بسبب يقظة صاحبة البيت التي استفاقت، وهي تسمع اصوات الضرب على الباب ومن ثم تكسير الشبابيك وصب مواد حارقة الى داخل البيت وثم اشعالها، نجت هذه السيدة من الموت المؤكد في الفرن المصنوع صناعة اسرائيلية خالصة.
هذه ليست المرة الاولى التي يقوم بها قطعان المستوطنين الاسرائيليين، مدعومون من حكومة  وجيش الاحتلال، بعمليات حرق مشابهة وعمليات قتل ودهس اطفال ونساء واطلاق نار على المواطنين الفلسطينيين العُزّل، او حرق المزروعات او تقطيع اشجار الزيتون  وغير ذلك دون رقيب او حساب، لا من المحتل الاسرائيلي طبعا ولا من السلطة الفلسطينية صاحبة الحق والواجب في الدفاع عن مواطنيها. اضافة الى ذلك ، تحوّل اسرائيل، ووسائل اعلامها الرسمية وغير الرسمية، كل حادث طرق يشترك به فلسطيني ويكون ضحيته يهودي الى عملية دهس ارهابية، بينما يقوم المستوطنون بعمليات دهس مقصودة داخل القرى والمدن الفلسطينية، ويقتل فيها اطفال ابرياء وتتحول اوتوماتيكيا في نظر اسرائيل، واحيانا في وسائل الاعلام الفلسطينية ايضا، الى حادث طرق عادي، لا يتطلب حتى التحقيق فيمن فعل ذلك او تقديمه للمحاكمة. وفي الوقت الذي تصدر فيه حكومة اسرائيل توجيهاتها الى قوى المسلحة والمدنيين على حد سواء، بضرورة قتل اي فلسطيني يقوم بعملية مشابهة لما يقوم به المستوطنون او حتى بحادث طرق عادي، يسمونه عملية دهس مقصودة، تقوم السلطة الفلسطينية واذرعها المدنية والامنية بحماية اي مستوطن يقوم بعملية ارهابية ضد فلسطينيين، خشية ان ينتقم منه الضحايا، وتسليمه الى الجهة الاسرائيلية عبر حلقات الارتباط المدني او العسكري، لكي يتم تحريره بعد ذلك دون عقاب.
لكن الأنكى من هذا وذاك، هو كيف يتم عرض الحدث اعلاميا وسياسيا وكيف يتم استثماره في الصراع على الرأي العام الدولي او المحلي، في الاجابة على السؤال، من هو الارهابي؟ ومن هو المسؤول عن العمليات الارهابية ومن هو المعتدي وما هي الاسباب؟.
لسنا بحاجة للعودة الى سنين سبقت او اشهر عديدة سبقت، فيكفي ان نعود بضع ايام فقط الى الوراء لنلاحظ ما يلي: عندما يكون ضحية الحدث فلسطينيا، لا تتناوله الصحافة الاسرائيلية الا قليلا ، وتجد للفاعل كل المبررات لما قام به، فتربط الحدث بما قبله، او قبل قبله، او تنسب للفلسطينيين قصدا او ما الى ذلك ليتحول الارهابي اليهودي الى مسكين او تحويل القاتل الى ضحية، فالمستوطن الارهابي المتطرف يهودا غليك تحول في نظر الاعلام الاسرائيلي، الى حمامة سلام، يحب العرب بمن فيهم من حاول قتله!  وتناسى الاعلام، عن قصد، ما يقوم به هذا الارهابي من تجنيد للمستوطنين وقيادتهم لاقتحام باحة الحرم الشريف اسبوعيا.
 قد نفهم الاعلام الاسرائيلي المجنَّد بالكامل لنشر الرواية الصهيونية وان كانت مختلقة وبعيدة عن الحقائق الموضوعية، ولكن كيف يمكن ان نفهم قيام بعض وسائل الاعلام الفلسطينية بتبرير الأفعال الارهابية للمستوطنين من خلال ربط جرائمهم بما سبقها من عمليات فلسطينية؟ كيف يمكن ان تقول وسيلة اعلامية فلسطينية إن العمل الارهابي الذي قام به المستوطنون الليلة الفائتة بحرق بيت فلسطيني بمن فيه في قرية خربة ابو فلاح- قضاء رام الله، جاء "ردا" على عملية الكنيس قبل اسبوع؟ لا ادعي ان الوسيلة الاعلامية الفلسطينية تقصد تبرير جرائم المستوطنين ولكن النتيجة والاستنتاج الذي يبقى في ذهن القارئ يشير الى ذلك.
في مراجعة سريعة الى العمل الارهابي الذي قام به المستوطنون خلال الليلة المنصرمة، نجد ان عشرات المواقع الاعلامية الفلسطينية خاصة والعربية عامة نشرت الخبر، وفي غالبتها استخدمت النص نفسه والعنوان نفسه، ولكن لو تخيلنا ان الضحية في مثل هذا الحدث هو اسرائيلي، فأيّ حملة اعلامية يمكن ان تقوم بها اسرائيل؟ من نشر اخبار وروايات حقيقية ومتخيلة ومقابلات ببث مباشر وغير مباشر، باللغات المختلفة بهدف استدرار العطف العالمي والتضامن مع اسرائيل. وكم من تصريح ورسالة يمكن ان يوجهها رئيس الحكومة الاسرائيلية الى حكومات العالم والمؤسسات الدولية يطالبهم فيها برفع صوت التنديد والاستنكار ضد الفلسطينيين؟ واي اتهامات يمكن ان يكيلها الى رئيس السلطة الفلسطينية ورؤساء التنظيمات المختلفة؟ واي اجراءات يمكن ان يتخذها ضد كل من هو فلسطيني، وكأن اسرائيل هي الضحية الكبرى والمسكينة التي لا بد للعالم ان يحميها ويساعدها في محاربة الارهاب، يا حرام! 
هنا لا بد من السؤال، لماذا لم تَرقَ جريمة احراق بيت فلسطيني، بما فيه من سكان، في خربة ابو فلاح، الى مستوى عملية ارهابية وجريمة نازية تستحق الادانة الدولية؟ لماذا لم تتوجه وسائل الاعلام الفلسطينية الى كل من يدعي رغبته بالسلام في اسرائيل ليستنكر هذه العملية الارهابية كما تفعل وسائل الاعلام العبرية مع اعضاء الكنيست العرب ومع كل عربي لديه منصبا رسميا؟ ماذا فعل الناطقون الاعلاميون باسم "فتح" وباقي التنظيمات الفلسطينية لفضح السياسية الاسرائيلية المتمثلة بجرائم المستوطنين الارهابية؟ هل يكفي ان ننتظر طلبا من وسيلة اعلامية للتعليق على الحدث؟ ام ان علينا المبادرة للوصول الى العالم؟ وهل يكفي ان نصدر بيانا ونأمل ان يقوم احد المراسلين الاجانب بترجمته الى لغته؟ هل يكفي ان نتحدث مع انفسنا، لنقتنع اكثر واكثر ان اسرائيل لا تريد السلام؟ هل يجوز لنا، وبالذات للمسؤولين الفلسطينيين عن العلاقات الدولية ان يناموا هذه الليلة دون ان يهتموا بإصدار بيانات التنديد من كل القوى الدولية التي نددت بعملية الكنيس اليهودي قبل اسبوع؟ هل يجوز ان ينام المسؤولون الاعلاميون في السلطة قبل ان يجهزوا قائمة طويلة من جرائم المستوطنين في الاسبوع الاخير، على الأقل، والتي لم تحظ بما تستحق من ادانه دولية وتسليمها الى كل وسائل الاعلام المحلية والدولية والمؤسسات الدولية على حد سواء؟ هل يجوز لقوى الامن الفلسطينية ان تنام دون مراجعة الاحداث المتتالية والعمل على تأمين حياة المواطنين الفلسطينيين في وجه ارهاب المستوطنين المتصاعد كل يوم؟ اليس هذا هو الواجب الاساس لأي قوى أمنية في العالم؟ ام ان القوى الامنية الفلسطينية لها ربُّ آخر ودور آخر؟ اتمنى ان تكون الرسالة قد وصلت الى من يهمه الامر.
                                                ________________
اليف صباغ

الجليل- 23.11.14



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

قانون الدولة اليهودية

                                   دولة خارج السياق


عندما يتحدث المُشرِّع للقانون، في أي دولة، عن حقوق الفرد، التي يقدسها الغرب في العصر الحاضر، لا بد ان يضع ذلك في سياق دولته المدنية، وهي دولة كل مواطنيها بمجموعهم كأفراد، اما ان يتحدث عن حق جماعي (قومي او ديني او خليط بين الاثنين) لمجموعة بعينها، ويتعامل مع كل الآخرين بحقوق فردية، فهي اشد الوصفات عنصرية وظلما وبعدا عن حقوق الفرد التي يقدسها الغرب. وفي حين تتطور الدول الديموقراطية من طابعها القومي الى طابعها المدني، تصر اسرائيل ان تعود الى عصر الدول الدينية التي غابت قبل قرون. من هنا فهي دولة خارج السياق التاريخي.

يُناقَشُ قانون هوية دولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي اليوم، ويُطرح للتصويت في ظل صراع بين اليمين واليمن الاكثر تطرفا، نتانياهو وبينيت، على السلطة. وكل منهما يريد ان يثبت للجمهور الصهيوني-المتدين،  المتطرف انه الزعيم الأقوى.

لماذا يقف وزراء يائير لبيد (يش عتيد) وتقف تسيبي ليفني (هتنوعاة)، وهم أعضاء في الحكومة، ضد القانون؟ ولماذا تعارضه أحزاب العمل وميرتس ايضا؟ لا شك ان الصراعات السياسية اي الحزبية واستفادة نتانياهو الحزبية من القانون تلعب دورا في ذلك، ولكن الأهم، في نظري، عدة اسباب أخرى:
 اولا ، ان تعريف الدولة في القانون الاساس كدولة يهودية دون تحديد مفهوم ومضمون كلمة "اليهودية" يجعل القوى العلمانية او اللبرالية اليهودية في اسرائيل والعالم تخشى من اضفاء القيم الدينية لمعنى اليهودية، وبالتالي يُترجَم ذلك وينعكس على مجمل القوانين الاجتماعية في الدولة فيحد من الحريات الاجتماعية والسياسية. والدليل على ذلك ان النقاش لتحديد مفهوم "يهودية" الدولة لم ينته بعد، وقد احتد النقاش في بداية التسعينيات من القرن الماضي وما يزال يحتد كلما طرح الموضوع للنقاش، ويأتي مشروع القانون الحالي، كقانون أساس، في ظل موازين قوى سياسية مختلفة ولصالح اليمين الصهيوني المتدين، لينتصر به هذا التيار على التيار الصهيوني الللبرالي.
ثانيا، ان هناك تيارا تاريخيا في الحركة الصهيونية ( وهو التيار اللبرالي) يرى بأنه لا يجوز لدولة اسرائيل ان تغلق ابوابها لمن يريد ان يكون صهيونيا او يهوديا او اسرائيليا. اي انه لا بد ان تستوعب مهاجرين جدد، وان لم يكونوا يهودا حسب الشرع اليهودي، بل ان المهم ما هي ايديولوجيتهم ومدى خدمتهم للمشروع الصهيوني في فلسطين. هذا التيار يطالب باستيعاب عمال أجانب واعطائهم المواطنة او الإقامة في اسرائيل كما عمل ويعمل على استيعاب حوالي 350 ألف مهاجر روسي وهم ليسوا يهودا.
والسبب الثالث، ان مثل هذا القانون يغلق الباب نهائيا امام اي مساومة في موضوع عودة، ولو جزء من اللاجئين الفلسطينيين، في اطار تسوية تاريخية مستقبلية، الامر الذي وافقت عليه مبدئيا حكومات اسرائيلية سابقة، مثل حكومة رابين وحكومة اولمرت.
هذا كله، اضافة الى خشية هؤلاء من اضعاف الموقف الاسرائيلي الدولي، أمام انظمة ودول تعتبر ان الدولة يفترض ان تخدم كل مواطنيها بدون تمييز، مما يصعب على اسرائيل كسب تأييد هذه الدول في صراعها مع العرب عامة والفلسطينيين بشكل خاص.


على الصعيد الداخلي، فإن اخطر ما في هذا القانون هو كونه قانون أساس ( في ظل غياب الدستور لغاية الان) وهو، كما يُفهم، مُعد ليكون الفصل الأول في الدستور الاسرائيلي، حين تتم صياغته. وبالتالي فهو قانون جاء ليغلق الباب امام اشتقاق اي قانون جديد يبنى على مبادئ قانون أساس آخر، حرية الانسان وكرامته الذي سُن عام 1992. بالرغم من ان قانون حرية الانسان وكرامته يعرف الدولة على انها "يهودية وديموقراطية" وكان قد فتح الباب، ولو جزئيا، نحو سن قوانين تعزز الديموقراطية وتحترم كرامة الانسان المواطن على اختلاف انتماءاته، الا ان بيبي نتانياهو كان صريحا برغبته في اضعافه عندما قال: انه مثلما سن قانون حرية الانسان وكرامته من الطبيعي ان يسن هذا قانون دولة اليهود، في اشارة واضحة ان الهدف هو قتل القانون السابق من خلال استبدال اهدافه والقيم التي بني عليها. لم يتردد نفتالي بينيت ان يشير الى ذلك ايضا بقوله: "هذا القانون سيخلص سكان جنوب تل ابيب من المتسللين، وفي المرة القادمة ستضطر محكمة العدل العليا ان تأخذ بعين الاعتبار وجود قانون البيت القومي للشعب اليهودي وليس فقط قانون حرية الانسان وكرامته". اما وزير الاسكان، اوري اريئل ، زميل بينيت، فقال: " ان هذا القانون هو خطوة في الاتجاه الصحيح"، وهذا يعني ان هناك خطوات ستلحق به، اي قوانين اخرى واجراءات سيتم اشتقاقها منه، وأضاف، "ان الحاجة لهذا القانون ملحة جدًّا لان اسرائيل تشهد في السنوات الاخيرة انتقاصا من هويتها اليهودية، وعليه يأتي القانون ليمنع امكانية تحويل اسرائيل الى دولة كل مواطنيها".

قد لا يبدو هذا القانون في اعين البعض خطيرا، معللين ذلك ان "اسرائيل في ممارستها وفي وثيقة "استقلالها" هي دولة يهودية وعنصرية، هكذا كانت وهكذا ستبقى، فما الجديد؟ المهم ان لا نوافق عليه وفقط" ، كما يقول أيمن عودة، سكرتير الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وعضو الكنيست القادم. وفي تقديري ان هذا الموقف هو سطحي ومستسلم، باٌسم الواقعية السياسية. ذلك لأن المتمعن في القانون لا يرتبك بتصور ما سيترتب عليه من سن قوانين عنصرية، ومن اتخاذ اجراءات عنصرية ايضا، تجعل كل مواطن غير يهودي يجد نفسه خارج سياق المواطنة، ومن هذه البوادر الواضحة في القانون ان "الدولة ستشجع البناء لليهود فقط ولن تكون ملتزمة بتوفير البناء لغير اليهود"، وهذا يعني ان غير اليهود هم خارج السياق المواطني. ومن يدري؟ كيف سيترجم هذا القانون في الواقع وهو يلغي اللغة العربية كلغة رسمية في اسرائيل؟ هل سيلغى التعليم في المدارس باللغة العربية؟ هل سيلغى حق المواطن العربي من التحدث بالمحاكم او في اي مؤسسة رسمية باللغة العربية؟ هل سيُسمح للمواطنين العرب إقامة مؤسسات مثل لجنة المتابعة العربية على أساس قومي؟ ام ان ذلك سيصبح عملا مخالفا لقانون الاساس، الدولة اليهودية؟ وعليه يتساءل المعارضون، كيف يمكن ان سيضمن هذا القانون الحرية والمساواة لكل المواطنين؟  وكيف يمكن ان تحافظ اسرائيل على طابعها وجوهرها الديموقراطي؟ من هنا يقول النائب السابق صالح طريف: "ان هذا القانون يطلق رصاصة الرحمة على امكانية دمج المواطنين غير اليهود، بما في ذلك من يخدمون في الجيش، في حياة الدولة". من هنا يُخشى ان يكون الاستسلام للأمر الواقع هو شكل من اشكال الاعتراف غير المباشر بالدولة اليهودية، كما يعرفها بيبي نتانياهو، ومقدمة لقبول م.ت.ف وباقي العرب بذلك ايضا. ألا يعرّف العرب دولهم بانها دول إسلامية؟ وهل سيتردد بيبي نتانياهو عن تذكيرهم بذلك؟ ويُخشى ايضا ان يكون الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي، بالاضافة الى الاعتراف "بحق اسرائيل" في الوجود، يعني اعترافا بالرواية الاسطورية للحركة الصهيونية، متخطين بذلك كل الحقائق التاريخية، والحقيقة المُغيَّبة القائلة، بأن يهود العالم الحالي ليسوا أحفادا ليهود مملكة اسرائيل ويهودا، بل هم من احفاد الخزر في القفقاز (اشكناز) ومن احفاد البرابرة في شمال افريقيا ومن احفاد العرب اليمنيين، ثلاثة عروق مختلفة، كما يقول بروفيسور شلومو زاند، ليس لهم اي علاقة اثنية باليهود الذين استوطنوا ارض كنعان في التاريخ القديم.
                                                           
                                                _______________________

اليف صباغ
البقيعة 24.11.14




حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

أنا أرشح السيّد محمد ميعاري!


مبادرة شعبية لترشيح رئيس للجنة المتابعة
                    أنا أرشح السيّد محمد ميعاري!
منذ اشهر نشهد نقاشات وانتقادات فيما يخص انتخاب رئيس جديد للجنة المتابعة العليا. وربما منذ  سنوات ونحن نوجه انتقادات لاذعة لأداء لجنة المتابعة عامة ورئيسها خاصة، لدرجة انني لو كنت مكان السيد محمد زيدان لما بقيت في هذا الموقع اسبوعا اضافيا واحدا.
يبدو لي وربما لكم ان المسألة الاولى مرتبطة بالثانية، وما فشل لجنة المتابعة بانتخاب رئيس لها لغاية الآن، رغم مرور اكثر من نصف سنة على استقالة رئيسها، الا دليل فشل لهذه اللجنة قبل فشل رئيسها. ومن شهد عن قرب كيف تسير الاجتماعات وكم تأخذ المناكفات والحساسيات الحزبية والشخصية من مضمونها لا بد ان يفكر بالابتعاد او الانكفاء عنها.
ترددت كثيرا، هل اكتب؟ هل أبادر؟ قلت في نفسي، كما يقول الكثيرون: ما لي ولهذا التعب المترتب على كل مبادرة؟ ولكن في نهاية الأمر، المسؤولية تفرض نفسها، فمسؤولية كل مثقف وطني تلزمه بعدم الخضوع لليأس والقنوط باسم الواقعية، بل تفرض عليه العمل لتغيير هذا الواقع المأزوم، وإلا فقد صفة المثقف وصفة الوطني ايضا.
من اسباب هذا الفشل، في رأيي، هو غياب البرنامج الوطني العام اولا، وان غالبية مركبات لجنة المتابعة، وليس جميعهم، يرون مصالح احزابهم وحركاتهم أهم وأعلى من مصلحة جماهيرنا عامة، ومن لجنة المتابعة نفسها، ويغلب تعصبهم الفئوي على نقاشاتهم في كل اجتماع من اجتماعاتها، كل يشد الرئيس الى موقفه دون أي اهتمام بضرورة وجود برنامج وطني مشترك فوق برامج الاحزاب، والذي يُفتَرض ان يشكل القاسم المشترك الاعلى الذي يجمع بين الاحزاب. اما  مصالح رؤساء السلطات المحلية، وعلاقاتهم بالسلطات الحكومية ومصالحهم الضيقة، فنجدها، للأسف، تفرض نفسها على الطاولة،  ومن ثم على لجنة المتابعة ان تخضع لها، وعليه قد تُتّخذ قرارات شكلية هي اشبه بتصريحات غير قابلة للتنفيذ بسبب غياب اليات العمل.
في هذه الظروف التي تغلب فيها الفرقة والخلاف على المشترك وتضيع البوصلة الوطنية بين ركام التعصب الفئوي، لا يستطيع أي من المرشحين الحاليين الحصول على ثلثي اعضاء لجنة المتابعة، وان حدث ذلك نتيجة لصفقة سياسية او ما اشبه، فذلك يعني استمرارا للازمة وتكريسا للإقصاء والشلل الذي لا يخدم قضيتنا الوطنية، من هنا لا بد من رئيس قادر على القيادة بروح وبوصلة وطنية، ويمكن تلخيص صفاته بما يلي:
1. شخصية وطنية ذات مصداقية لا تشوبها علاقات سابقة او حالية مع احزاب صهيونية.
2. شخصية قيادية قادرة، لا يخشى اي من مركبات المتابعة، لا يسترضي ولا يبحث عن منصب مستقبلي في حزب ما.
4. صاحب توجه وطني - وحدوي وتقدمي، يضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الفئوية الضيقة، لا يستثني الشباب كما لا يستثني المرأة من أي نشاط جماهيري او تمثيلي.
5. يلتزم بإنشاء أطر مهنية، اضافة الى ما هو موجود من جمعيات متخصصة، تشارك فيها شخصيات مهنية وقادرة،  تشكل النواة الصلبة للحفاظ على الطابع الوطني التقدمي والوحدوي للجنة المتابعة، هذه النواة لا بد تشكل المادة اللاصقة فيما بين الاحزاب، لا تسمح بالتشرذم او تغليب التعصب الفئوي على الوطني، وقادرة ان  تجنّد حولها قاعدة شعبية فوق حزبية وفوق فئوية، مع احترامي لدور الاحزاب والحركات السياسية.
اذا ما اتفقنا على هذه المبادئ سنجد من بيننا عشرات الشخصيات المناسبة لقيادة لجنة متابعة فاعلة وليس لجنة مشلولة وفاشلة. وبما انني لا استطيع ان أرشح العشرات،  أعلن هنا عن ترشيح السيد محمد ميعاري لهذه المهمة الوطنية. واعتقد انه لا يختلف اثنان أن ميعاري هو محام له تاريح طويل في الدفاع عن الارض، ومن مؤسسي لجنة المفاع عن الاراضي، قضى حياته في الصف الوطني، دون ان يتعصب لحزب او او يعادي فئة، وهو شخصية تقدمية وقادرة على القيادة في ظروف مأزومة كالتي نعيش فيها. مستقل في رأيه ، لا يتبع شخصا او فئة ولا يخضع لاٌبتزازات.
                                                            ________________

اليف صباغ - البقيعة 29.11.14  



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .