الثلاثاء، 12 يوليو 2011

قانون المقاطعة الإسرائيلي.

نظام المقاطعات، هل يعاقِب على المقاطعة؟
قانون المقاطعة الاسرائيلي يضرب القوى اللبرالية في الصميم
ويضع اموال السلطة الفلسطينية في اسرائيل هدفا للقرصنة القانونية
اوري افنيري: نحن في الطريق الى نظام من ذلك النوع.

قبل ايام معدودات كتبت مقالا تحت عنوان "الحرية الأسيرة"، استذكرت فيه عددا من القوانين العنصرية والإجراءات الإسرائيلية التي تقوض الحريات الفردية والعامة في الوقت الذي تقاتل الشعوب العربية لنيلها، وها هي حكومة اسرائيل تضيف الى ما قلته دليلا جديدا. في حين تسعى الشعوب العربية لمزيد من الحرية، وهي طموح الطبيعة البشرية منذ الأزل، فتنتفض وتدفع ثمنا باهضا لتحقيق ذلك، وتجبر الحكام على تحيق مطالبها المشروعة ولو جزئيا، يسعى حكام اسرائيل الى تقويض الحريات الفردية والعامة ليس فقط للمواطنين العرب فيها، بل لليهود ايضا، وذلك بسن قوانين جائرة، موجهة ضد اليهود ايضا لدرجة تطال حرية التعبير في اتخاذ موقف سياسي والتعبر عنه كلاميا، ويتمثل هذا بسن قانون "المقاطعة"، ويعاقب بموجبه كل من يدعو الى مقاطعة دولة اسرائيل او الإستيطان الإسرائيلي، ان كان ذلك اقتصاديا او ثقافيا او اكاديميا، ان كان بمقاطعة الإنتاج او بمقاطعة تقديم الخدمات على اشكالها بما في ذلك الترفيهية، للمستوطنين. وبموجبه يستطيع كل مستوطن ان يقدم دعوى تعويض مادي الى المحكمة ضد الشخص او الهيئة المخالفة للقانون دون ان يثبت تعرضه لضرر مادي. ويطمح القانون ايضا الى تقديم دعاوى ضد جهات اجنبية واسرائيلية على حد سواء، واعتقد ان المقصود في ذلك اولا وقبل كل شيء هي السلطة الفلسطينية، وبالتالي تصبح أموال السلطة في إسرائيل معرضة للقرصنة، باسم القانون، اكثر مما هي معرضة اليوم.
بموجب هذا القانون تساوي حكومة اسرائيل وبرلمانها بين وجود اسرائيل ووجود المستوطنات اليهودية في المناطق التي احتلت عام 1967. ربط تقوم به حكومة وبرلمان اسرائيل نفسهما، فاذا كان العالم كله، بما في ذلك قطاع معين من الجمهور الإسرائيلي اليهودي، يرى ان هذا الإستيطان هو عمل غير شرعي وهو مخالف للقانون الدولي، بل يعد بحد ذاته جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، فان هذا الربط يضع اسرائيل نفسها في خانة اللاشرعية، ليس فقط من وجهة نظرنا كعرب عامة وكفلسطينيين خاصة، بل حتى من وجهة نظر المنطق القانوني.
المعروف ان نظام المقاطعة هو حزء اساس من الكينونة الإسرائيلية، المقاطعة لكل منتوج غذائي لم يحصل على ختم "الكاشير" (أي حلال)، الذي معناه الفعلي اقتطاع جزء من الربح لصالح الحاخامين اليهود، واعادة تحميل المستهلك ذلك، ومقاطعة المنتوج العربي بدوافع عنصرية، دون ان يكتب ذلك في قانون، خاصة اذا كان الإنتاج قد يقوي من علاقة الفلسطيني بأرضه، مثل منتوجات الزيتون، وقبل ذلك التبغ والقمح الذين لم يعودا جزءا من انتاج الفلاح الفلسطيني منذ عشرات السنين، ومقاطعة قوى العمل العربي بإعطاء الأفضلية للمستوطن اليهودي او ما يسمى بالمهاجر الجديد، وتشجع الحكومة ذلك بمنح محفزات لصاحب العمل الذي يشغل مهاجرين جدد.
القيمة المضافة لهذا القانون انه يعاقب، ليس المواطنين العرب وممثليهم فقط، فئة كبيرة من اليهود الذين يرفضون، لأسباب ضميرية، تقديم خدمات ترفيهية للمستوطنين. أي ان القانون يضرب في الصميم اكثر الفئات حساسية لحرية التعبير وهي فئة المثقفين والفانين اللبراليين، ومن هنا اعتقد ان توجه هؤلاء الى المحكمة العليا بهدف ابطال القانون، لتعارضة مع حرية التعبير كحق اساس تضمنه القوانين الساسية في اسرائيل، هو ما يرفع من احتمال التصدي القانوني والشعبي له. والأهم من ذلك، حان الوقت ان يفهم الإسرائيليون اليهود، ومنهم فئة الطبقة الوسطى، ان تنبيهاتنا السابقة من ان العنصرية، وان كانت دائما تحت مسوغات الامن، ستطالهم يوما ما، وها هي تتحقق.
الصحفي المخضرم اوري افنيري يقول: "لقد تسلط المستوطنون على الدولة"، ويضيف: "بأموال دافعي الضرائب أقيمت المستوطنات وبهذه الاموال يدافع الجيش عنها حتى تحول المستوطنون الى غول صنعناه بأنفسنا فقام ضدنا". افنيري يستذكر تلك الأيام حين كان طفلا في العاشرة عندما غادر والداه المانيا بعد تسلم هتلر السلطة السياسية، فيقول: "كل اقاربي قالوا لأبي انت مجنون، لا يوجد شيء يستدعي ان تترك البلاد، اليوم نذكر ان اسماء كل اقاربي هؤلاء مسجلة في ميدان تلك المدينة... نحن في الطريق الى نظام من ذلك النوع، يقول افنيري، ويضيف، كل حياتي امتنعت عن المقارنة وخشيت من قول هذه الكلمات، هذا خطأ وانا نادم لأنني لم اقل ذلك".
ما يضيف الى احتمال ابطال القانون من قبل المحكمة العليا هو موقف المستشار القضائي للحكومة بنفسه، والذي يقف ضد القانون اذا ما قدم التماس الى المحكمة العليا بهذا الشأن. ومن هنا جاءت نداءات أعضاء الكنيست العرب الى خرق جماعي لهذا القانون لتلتقي مع اصوات يهودية ومنظمات حقوقية تقدمت اليوم بالتماس الى المحكمة العليا لإبطاله.

اليف صباغ 12.7.11
مدونة حيفا برس


حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق