الأحد، 31 يوليو 2011

من المسؤول؟

يقتلون ويتباكون
من هو اندريس برايفك ومن يحضنه؟ وما هو الدور الإسرائيلي في ذلك؟
تصوروا لو كان هذا الارهابي الاوروبي، المدعو اندريس برايفك، عربيا، او مسلما، وان لم يكن عربيا ، او عربيا مسلما وقد اجتمعت به الهويتان معا، ماذا سيكون رد فعل اوروبا؟ هل سيكون الحدث اشبه ب- 11 ايلول؟ اغلب الظن ان الاعلام الغربي كان سيتعامل معه كذلك. وفي الحقيقة، وبالرغم من هول المجزرة التي راح ضحيتها اكثر من 90 شابا وشابه التقوا لتبادل الرأي فيما يحدث في هذا العالم، وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. والتهمة؟ يساريون!
وبالرغم من تصريحاته الواضحة انه لا يعمل بمفرده بل ينتمي الى تنظيم يعمل في اكثر من دولة اوروبية وانه نفذ عمليته بعد تخطيط دقيق استمر سنتين وساعده في ذلك عدد من رفاقه، الا ان الاعلام الغربي مصر ان يتعامل معه كفرد، وان ما قام به هو ردة فعل الخائف من تزايد الهجرة الأجنبية، وخاصة العربية المسلمة، وذلك بعد ان فشلوا في اتهامه بالجنون كما تفعل اسرائيل عادة في الحالات المشابهة. مرة اخرى العربي او المسلم هو السبب والقاتل هو الخائف والمسكين والضحية!
اذا كان لا بد للارهاب من مستنقع او بحيرة، فمن اين يستقي هؤلاء الارهابيون فكرهم السياسي ومواقفهم ودوافعهم للقيام باعمال من هذا النوع؟ أوليسَ من الفكر اليميني المتطرف الذي ما يزال رائجا في اذهان الاوروبيين المتمثل في عدائهم للآخر؟ ألم يكن هتلر وليدا لهذا الفكر وليس غيره؟ أوليس الإعلام الغربي عامة والحكومات الأوروبية اليمينية المتحالفة مع امريكا، التي تخوض معها حربا على العرب والمسلمين منذ غياب الإتحاد السوفييتي على الأقل، وتحرض ضدهم يوميا، هي المسؤولة عن تنامي هذه الجماعات الارهابية، والتي تعلن جهارا عداءها للأقليات المسلمة المهاجرة الى الغرب؟ أوليست، المستشارة الالمانية، اليمينية، انجيلا ميركل، هي التي حسمت النقاش حول امكانية التعايش في اطار التعددية الثقافية في اوروبا، مع بداية هذه السنة، بقولها: "ان التعددية الثقافية قد فشلت"؟ ألم تكن هذه هي الرسالة التي أودعتها ميركل في ايدي هذا الأرهابي وامثاله؟
من هو منفذ العملية الإرهابية؟ انه نرويجي متطرف ينتمي الى اليمين الاوروبي المتزايد قوة ونفوذا ووحشية، يوحده العداء للمهاجرين الأجانب وخاصة الاقليات المسلمة وعلى رأسهم العرب. هذا المجرم الإرهابي يجاهر بتأييده لإسرائيل الصهيونية كما يجاهر سكان دفيئته من اليمين الأوروبي بصداقتهم لاسرائيل ايضا. ليس هذا حكمي، بل هي تصريحاتهم ومواقفهم وافعالهم، ولا تنكر وسائل الاعلام الاسرائيلية ذلك، بتعقبها لقاءات ومؤتمرات تجمع اليمين الأوروبي مع اليمين الإسرائيلي، مرة في النمسا واخرى في المانيا وثالثة في تل ابيب او غوش عتصيون. حدث احد هذه اللقاءات/ المؤتمرات ، ولا اقول آخرها، في الخامس من كانون اول 2010 في تل أبيب، بمبادرة من عضو الكنيست أرييه إلداد وشارك فيه كل من عامي ايلون وموشيه آرنس وأيوب القرا من اسرائيل، كما شارك فيها قيادات أحزاب اليمين المتطرف في كل من المانيا والسويد والنمسا وبلجيكا وسويسرا وايطاليا وهولندا، وكان أبرزهم على الإطلاق هو كريستيان هينش شتراخا، زعيم حرب الحرية النمساوي، والذي خلف يورغ هايدر، في زعامة الحزب، ومن المعروف ان اسرائيل كانت قد شنت حملة اعلامية على يورغ هايدر واعتبرته زعيم النازيين الجدد في النمسا. فهل تغيرت ايديولوجية الحزب مع تبدل زعيمه؟ وما هو المشترك بين هذه الأحزاب؟ او ما هو المشترك بينهم وبين اليمين الإسرائيلي المتطرف؟ "المعاداة للأقليات المسلمة"، كما وصفتهم وسائل الإعلام الإسرائيلية آنذاك. وعلى هذا الإساس استقبلهم مستوطنو غوش طيف، وعلى رأسهم صديقهم وحليفهم شتراخا عندما زار متحف غوش قطيف على هامش المؤتمر المذكور.
في السنوات الأخيرة ازدادت وتيرة التعاون بين اليمين الإسرائيلي والأوروبي على قاعدة ان "اوروبا مهددة من قبل المسلمين" وان المسلمين سيحتلون اوروبا ويغيرون الميزان الديموغرافي"، كما هو الأمر في اسرائيل! وبالتالي، "فعلى اوروبا ان تدافع عن نفسها مثل ما تفعل اسرائيل"، هذه الأقوال هي جزء بسيط من الكلام الذي يتكرر في هذه اللقاءات وهي التي تغذي او تسقي أمثال اندريس برايفك وغيره في اوروبا.
ليس صدفة ان اليمين البريطاني الفاشي المتمثل في "عصبة الدفاع عن بريطانيا" I.D.L يرفع العلم الإسرائيلي في مظاهراته، كشكل منن اشكال المعاداة للمهاجرين العرب والمسلمين. لقد نسي هؤلاء الفاشيون ان بريطانيا امتصت خيرات هذا العالم لعقود طويلة وما تزال. ونسوا ان بريطانيا هي المسبب وهي المستفيد من هجرة العرب والمسلمين اليها، فهي لا تصنع لهم معروفا، بل تعتاش من عملهم الأسود من جهة بالإضافة الى قدراتهم العلمية العالية. لقد نسوا هؤلاء ان 34% من الأطباء الكبار في بريطانيا من العرب المهاجرين اليها، لا حبا بها، بل هربا من المآسي التي تركتها بريطانيا، وما تزال ترعاها، في اوطانهم.
اذا كانت تجربة التعددية الثقافية قد فشلت كما تقول ميركل، فكيف استوعبت المانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أكثر من 450 ألف من حَمَلة الشهادات العليا الحيوية عالمياً للاقتصاد من خبراء وفنيين، خلال السنوات العشر الماضية؟ ووفقا لدراسة مؤسسة فلسطين الدولية "العقول العربية المهاجرة"، يتوقع أن العلماء العرب في الخارج يقدمون للولايات المتحدة الأميركية دخلا لا يقل عن 40 بليون دولار سنويا، وهو ما يعادل نصف دخل الوطن العربي من النفط. الم يحن الوقت لنحدد من هو القاتل ومن هو الضحية؟ الم يحن الوقت لنحدد من هو الإرهابي وما هي دوافع الإرهاب ومن هم ضحاياه؟ الم يحن الوقت لتسليط الأضواء على العلاقة الوثيقة بين اليمين الفاشي الأوروبي والإسرائيلي؟

اليف صباغ
مدونة - حيفا برس 31.7.11



حقوق النشر محفوظة للكاتب ، الرجاء الإشارة إلى المصدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق